كان بعيدًا فإنه لا يستفصل، فلو سئل الإنسان عن رجل مات عن أبيه وأمه لا نحتاج إلى أن نقول: هل أبوك كافر أو مسلم أو غير ذلك؟ لو سئل عن رجل جامع زوجته في نهار رمضان لا حاجه إلى أن يستفصل ويقول هل هو جاهل أو ناسٍ أو متعمد؟ لكن إن قوي الاحتمال فإنه يجب الاستفصال.
ومن فوائد الحديث: جواز تخصيص النذر بمكان إذا كان خاليًا من معصية؛ لقوله:"أوف بنذرك" فإن نقله إلى مكان نظرنا إن كان أفضل فلا بأس، وإن كان دون ذلك لم يجز، وإن كان مثله جاز، ولكن عليه كفارة يمين، كما سيأتي في الحديث الذي بعده.
ومن فوائد الحديث: جواز تحريم الوفاء بنذر المعصية؛ لقوله:"لا وفاء لنذر في معصية الله" والمعصية إما ترك واجب، وإما فعل محرم.
ومن فوائد الحديث: تحريم وفاء النذر بقطيعة الرحم، فلو قال: لله علىّ نذر ألا أكلم أخي قلنا: هذا حرام، ولا يحملك أن تفي بذلك النذر، لكن عليك كفارة يمين.
ومن فوائد الحديث: عدم وجوب وفاء النذر فيما لا يملك؛ لقوله:"ولا فيما لا يملك ابن آدم" وسواء كان لا يملكه شرعًا كالمعصية أو لا يملكه قدرًا، كملك الغير، وخلق الحيوان وما أشبه ذلك مما لا يمكن قدرًا.
[حكم الانتقال عن النذر إلى ما هو أفضل منه]
١٣٢٤ - وعن جابر رضي الله عنه:"أنَّ رجلاً قال يوم الفتح: يا رسول الله، إنِّي نذرت إن فتح الله عليك مكَّة أن أصلِّي في بيت المقدس، فقال: صل هاهنا. فسأله، فقال: صلِّ هاهنا. فسأله، فقال: شأنك إذن". رواه أحمد وأبو داود، وصحَّحه الحاكم.
"يوم الفتح" إذا أطلق فهو فتح مكة ويطلق الفتح على صلح الحديبية، كما في قوله تعالى:{لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى}[الحديد: ١٠]. فالمراد بالفتح هنا: صلح الحديبية لأنه لا شك أنه حصل به فتح كبير [حيث] صار المسلمون يأمنون، وكذلك الكفار يأمنون على دمائهم وأموالهم، وقوله:"إني نذرت ... الخ" هذا يتضح منه جليًا أن هذا النذر نذر عبادة، وليس نذر عادة لأن الصلاة ليست من العادات التي يفعلها بعض الناس، كالصدقة والإنفاق وغير ذلك، يقول: أن أصلي في بيت