وقوله:«أو أهله»، «أو» هذه للشك من الراوي، يعني: هل لفظ الحديث بغير إذن مواليه أو
بغير إذن أهله، والمعنى واحد، إذن المراد بالموالي هنا الملاك.
وقوله:«فهو عاهر» أي: زان، وذلك لأن نكاحه غير صحيح، إذ إن العبد لا يملك أن يُزوج نفسه، ودليل ذلك في القرآن قوله تعالى:{وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}[النور: ٣٢].
{عِبَادِكُمْ} جمع عبد وهو الذكر المملوك، فقوله:{وَأَنكِحُوا} يدل على أن العبد لا يزوج نفسه، وإنما يزوج فهو كالأيم الأنثى التي مات عنها زوجها أو فارقها، لا تُنكح نفسها، بل يُنكحها وليها، إذن فتزوج العبد بغير إذن مواليه، أي: أسياده كتزوج المرأة بغير ولي.
يُستفاد من هذا الحديث: أنه يشترط لصحة نكاح العبد أن يأذن سيده إذا أذن فهل هو يزوج نفسه أو لابد أن يزوجه السيد؟ نقول: ظاهر الحديث أنه أذن فله أن يزوج نفسه بخلاف ما إذا كانت المرأة قد أذن لها وليها أن تتزوج فليس لها أن تُزوج نفسها؛ وذلك لأن المرأة ليست أهلاً للعقد أصلاً بخلاف العبد فإنه أهل للعقد ولذلك إذا عتق زوج نفسه، فعدم تزويج نفسه ما دام مملوكا لا لعدم الأهلية ولكن لوجود مانع وهو الملك، إذن للسيد إذا أراد أن يزوج العبد طريقان الأول: أن يقول ولي المرأة: زوجت عبدك فلانا ابنتي فلانة، فيقول السيد: قبلت النكاح لعبدي، يقيد لا يقول: قبلت النكاح فقط، الصيغة الثانية: أن يقول السيد لعباده: تزوج، فيقول ولي المرأة للعبد نفسه، زوجتك بنتي فلانة، فيقول العبد: قبلت.
[حكم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها أو أختها]
٩٤٦ - وعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها». متفق عليه.
«لا» نافية ولكن هذا النفي بمعنى النهي: أي: لا تجمعوا بين المرأة وعمتها - يعني: في النكاح- لأن المرأة في هذه الحال تكون بنت أخي الأخرى، «ولا بين المرأة وخالتها»، لأنها تكون بنت أختها، فلا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها.
هل نقول في هذه الحال: إن عمة الزوجة حرام وخالة الزوجة حرام على الزوج؟ يُعبر بعض العلماء بذلك فيقول: هذا حرام، ولكنه تحريم إلى أمد، ولكن الصحيح أنها ليست حرامًا، إنما الحرام الجمع، فنقول: هكذا اتباعًا للفظ القرآن والسنة، ففي القرآن {وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}[النساء: ٢٣]. ولم يقل: وحرمت عليكم أخوات نسائكم، وفي السنة هذا الحديث، ولم يقل: حرمت عليكم عمات نسائكم وخالات نسائكم، والمحافظة على