١٠٨٠ - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنه، عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا يخلونَّ رجل بامرأةٍ، إلاَّ مع ذي محرمٍ". أخرجه البخاريُّ.
هذا الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس إبان سفره في حجة الوداع قال:"لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، ولا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم"، فقوله:"لا يخلون رجل بامرأة" نقول فيه من حيث العموم ما قلنا في: "لا يبيتن رجل عند امرأة" أي: أنه يشمل كل رجل صغيرًا كان أم كبيرًا، أمينًا أم غير أمين أي رجل يكون، وقوله:"لا يخلون رجل" بماذا نفسر الخلوة؟ الخلوة تزول بوجود ثالث معهما؛ لقوله في الحديث الآخر "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" فإذا وجد ثالث معهما زالت الخلوة ولكن لا بد من كون هذا الثالث معهما أن يكون عنده إحساس وفطنة لئلًا يحصل الشر وهو لا يدري فلو كان الثالث معهما طفلًا فإن ذلك لا يجزئ لو كان مميزًا بأن له سبع سنوات فإن ذلك لا يجزئ في الخلوة، اللهم إلا أن يكون ذا فطنة شديدة، وإلا فمن له سبع سنوات لا يقيد إذ قد يدلِّهه الرجل بشيء ما ويتكلم بما شاء أو يفعل ما شاء، فلابد من ثالث يؤمن مع وجوده وقوع الفتنة، من له عشر سنوات هل تزول به الخلوة؟ الظاهر أن الأصل أنها تزول بالعشر سنوات؛ لأن عنده فطنة لكن ربما لا تزول لأن بعض الصبيان ليس عند أي فهم، على كل حال/ لا بد من وجود ثالث يرتفع به خوف الفتنة.
وقوله:"إلا مع ذي محرم" إذا قال قائل: كيف تكون الخلوة، مع ذي محرم؟ نقول: نعم إلا مع ذي محرم لولا عدمه لكان خلوة وذو المحرم هو ما ذكرناه آنفًا: كل من تحرم عليه المرأة ينسب أو رضاع أو مصاهرة.
من فوائد الحديث: ما سبق في الحديث الذي قبله فنحيل القارئ أو السامع على ما سبق إلا أنه في هذا الحديث لم يذكر ناكحًا لأن الزوج له أن يفعل ما شاء في الزوجة من حيث الاستمتاع واصل منع الخلوة خوفًا من الاستمتاع والفتنة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يجوز للرجل أن يجلو بالمرأة ولو في هودج أو سيارة أو مصعد، في بعض العمائر الطويلة يكون مصعد فيأتي الإنسان وتأتي امرأة عند باب المصعد فيدخلان جميعًا هذه خلوة- لاشك- عظيمة وخطيرة فلا يجوز حتى في المصعد، ماذا يصنع