١٢٤٦ - وعن رويفع بن ثابت (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يركب دابة من فيء المسلمين، حتى إذا أعجفها ردهًا فيه، ولا يلبس ثوبًا في فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه" أخرجه أبو داود، والدرامي، ورجاله لا بأس بهم.
قوله:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب" تذكر هذه الجملة حثًا للمخاطب على ألا يفعل إن كانت في نفي، أو أن يفعل إن كان في إثبات، ففي قوله:"من كان يؤمن بالله واليوم فليقل خيرًا أو ليصمت" هذا في إثبات، فالمقصود بذلك الحث على فعل هذا، في نهي كما في الحديث فلا يركب الحث على الاجتناب، لأنه من يؤمن بالله واليوم الآخر سيحمله ذلك على فعل الأوامر وترك النواهي، وقوله:"واليوم الآخر" هو يوم القيامة وسمي بذلك، لأنه آخر مرحلة للبشر فالبشر لهم مراحل لهم دور الدار الأولى: بطن الأم، والدار الثانية: الدنيا دار العمل، والدار الثالثة: البرزخ ما بين الدنيا والآخرة، والدار الرابعة: المستقر الدار الآخرة، فلهذا يسمي ذلك اليوم اليوم الآخر، لأنه لا يوم بعده وليس فيه ليل ولا نهار بل إما جنة وإما نار.
فإن قال قال: لماذا ذكر اليوم الآخر ولم يقل: وملائكته وكتبه ورسوله والقدر خيره وشره؟ قلنا: إن هذه الأربعة داخلة في ضمن الإيمان بالله، لأن الرسل رسل الله والكتب كتب الله والقدر قدر الله والملائكة ملائكة الله، وكلها مما أخبر الله به عنه فيكون الإيمان بها داخلاً في الإيمان بالله.
فإن قال قائل: يرد عليكم أن اليوم الآخر الإيمان به من الإيمان بالله؟
قلنا: نعم، لكنه خصه بالذكر؛ لأنه يوم الجزاء، فإذا ذكره وآمن به فسوف يحمله على أن يقوم بالأمورات ويترك المنهيات، لأن تحقيق الإيمان باليوم الآخر لا بد أن يحمل الإنسان على فعل الأوامر وترك النواهي.
وقوله:"فلا يركب دابة من فيء المسلمين" المراد بالفيء هناك الغنيمة وليس الفيء الذي هو خمس الخمس، بل هو الغنيمة يركبها، "حتى إذا أعجفها ردها" لأن هذه خيانة للمسلمين وهو غلول للمنافع، لأن الغلول يشمل: غلول الأعيان كما لو أخذنا الإنسان ثوبًا أو غير ذلك وغلول المنافع وهذا من غلول المنافع.
"ولا يلبس ثوبًا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه" وكذلك أيضًا لا يلبس ثوبًا من الغنيمة