فإن قال قائل: يؤكل واضح طعام, ولكن ما يشرب هل يسمى طعاما؟
الجواب: الذي يشرب يطعم فيكون طعاما من هذه الناحية لقوله تعالى: {فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني}[البقرة: ٢٩]. ولقوله -تبارك وتعالى-: {وأنزلنا من السماء ماءً طهورًا لنحي به بلدةً ميتًا ونسقيه مما خلقنا وأنعامًا وأناسي كثيرًا}[الفرقان: ٤٨ - ٤٩]. وهذا الماء النازل من السماء, لقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر:"هو الطهور ماؤه الحل ميتته" فالأصل هو الحل, وقد أنكر الله عز وجل على من حرم ذلك بغير دليل فقال:{قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق}[الأعراف: ٣٢]. وعليه فإذا اختلف اثنان في حل شيء مأكول فمن الذي يطالب بالدليل؟ الذي يمنع ويحرم, وكذلك يقال في المشروبات إذا تنازع اثنان في شراب فقال أحدهما: حلال, وقال الثاني حرام, فالذي يطالب بالدليل هو القائل بأنه حرام؛ إذن فالأصل الحل, وهل الأصل الطهارة؟ نعم, في كل شيء, وسنبين -إن شاء الله- الصول التي ينبني عليها التحريم فمنها ما كان ضارًا, لكن الضار ينقسم إلى قسمين: ضار لذاته وضار لعارضه, الضار لذاته مثل: السم هذا حرام؛ لأنه ضار قاتل, وقد قال الله تعالى:{ولا تقتلوا أنفسكم}[النساء: ٢٩]. والضار لعارض مثل الحلوى لمن أصيب بالسكر وكان يضره فإنه يحرم عليه أن يأكله وإن كان في الأصل حلالاً, بل قال شيخ الإسلام رحمه الله: أنه يحرم أن يأكل الإنسان شيئًا يتأذى به وإن لم يضره, يعني: يملأ بطنه من الطعام, ولاسيما إن كان مالحًا فحينئذ يحتاج إلى ماء, وإذا شرب ماء وقد ملأ بطنه من الطعام فإنه على خطر أن ينفجر أو على الأقل يتأذى, والعجيب أننا نأكل كثيرًا ثم نطلب مهضمات فلماذا تأكل كثيرًا؟ ! كل قليلاً وتسلم من أن تبذل دراهمك في مهضمات لكن طبيعة الإنسان هكذا, ولهذا كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية