للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ضمان الطبيب]

١١٣٨ - وعن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه رفعه قال: "من تطبَّب ولم يكن بالطِّبِّ معروفًا فأصاب نفسًا فما دونها؛ فهو ضامنٌ". أخرجه الدارقطني، وصححه الحاكم، وهو عند أبي داود، والنسائي وغيرهما؛ إلا أنَّ من أرسله أقوى ممَّن وصله.

"تطبب"؛ أي: مارس مهنة الطب، "ولم يكن بالطب معروفًا" أي: معلومًا بأنه طبيب حاذق، "فأصاب"؛ يعني: أتلف "نفسًا فما دونها" كإتلاف العضو أو الجرح "فهو ضامن"، وذلك لأنه غير مأذون له في أن يتطبب، فإذا قال قائل: ولم يكن بالطب معروفًا كيف نعرف طبه؟ نقول يعرف طبه بالدراسة أو بالتجارب إذا لم يكن دارسًا، أما في الدراسة فأن يدخل مدارس الطب ويتعلم ويأخذ تمارين على هذا ويعطى الإجازة التي تسمى الشهادة، وهي عند العلماء سابقًا تسمى إجازة فإذا أعطي الإجازة فهو معروف بالطب، وقد يكون وارثها بالتجارب؛ يعني: لا يقرأ على أحد لكنه يحبس نفسه على التمرن والتجارب في الأمراض، وفي أدوية الأمراض فيتوصل إلى المعرفة، فإذا علم بالتجارب أنه إنسان حاذق والناس يترددون إليه ويجدون منه فائدة فحينئذٍ يكون بالطب معروفًا، فإذا لم يوجد عنده لا إجازة نظرية ولا تجريبية فإنه حينئذٍ يكون ضامنًا إذا أصاب نفسًا فما دونها.

وعلم من هذا الحديث فوائد: أولًا: أن ما ترتب على المأذون فليس بمضمون ويؤخذ هذا من مفهوم الحديث وهو قوله: "ولم يكن بالطب معروفًا" أنه إذا كان بالطب معروفًا فأصاب نفسًا فما دونها فإنه لا ضمان عليه، مثال ذلك رجل معروف بالجراحة أجرى جراحة لشخص ثم خاض الجراحة وانتهى ولكن الجراحة تعفنت وتضاعفت حتى هلك هذا المريض! ! فإن هذا الطبيب ليس عليه ضمان، ولكن لو فرض أن يده أخطأت- بمعنى: أنها تجاوزت الحد المطلوب- مثل: أن يكون الحد المطلوب للجراحة مقدار أنملة، ولكنه تجاوز إلى مقدار أنملتين من غير حاجة لذلك فإن ما ترتب على هذه الزيادة يعتبر مضمونًا، حتى لو كان ذلك عن خطأ لو فرض أنه عندما حرك المشرط زلّت يده حتى اتسع الخرق فإنه يكون ضامنًا، وذلك لأن ما تتعلق بمعاملة الخلق لا يفرق فيه بين العمد والخطأ.

وفهم من هذا الحديث: أن من تطبب بدون معرفة فإنه يضمن إن أصاب نفسًا فما دونها

<<  <  ج: ص:  >  >>