وجاهه يدعي عليه ويحضره للقاضي، وربما إذا امتنع أرسلوا إليه الشرط يحضرونه وهذه مشكلة، فما ذهب إليه الإمام مالك لا شك أنه قول قوي جدا.
ومن فوائد الحديث: أن كل دعوى لابد فيها من بينة، وهذا وإن كان في الخصومات بين الناس، لكل يشمل حتى في الأحكام الشرعية، أي إنسان يدعي أن هذا حرام أو هذا حلال أو هذا واجب، فإننا نقول: له هات البينة، وما هي بينة التحليل والتحريم والإيجاب؟ الأدلة وهي أربعة: القرآن والسنة والإجماع والقياس الصحيح، فلابد لكل مدع من بينة.
ومن فوائد هذا الحديث: أن البينة هنا مطلقة، ولكنها ذكرنا أنها ما يبين به الحق على حسب ما رتب في الشرع، فمثلا: بينة الزنا أربعة أشياء، بينة مدعي الفقر بعد [أن كان غنيا] ثلاثة، بينة السرقة من أجل القطع شاهدان ومن أجل ضمان المال شاهدان أو شاهد وامرأتان أو شاهد ويمين حسب ما ذكرنا سابقا.
[القرعة بين الخصوم في اليمين]
١٣٥١ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه:«أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض على قوم اليمين، فأسرعوا، فأمر أن يسهم بينهم في اليمين، أيهم يحلف». رواه البخاري.
صورة هذا الحديث أن اليمين توجهت على جماعة كل منهم يريد أن يحلف، فأقرع بينهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا ظاهر، ويحتمل أن تكون الدعوى بين خصمين متكافئين لا يترجح أحدهما على الآخر؛ أي: ليس هناك مدع ومدعى عليه، فأسرع أحدهما إلى اليمين ليكون بريئا، فالمسألة تحتمل هذا وهذا، لكن الذي يظهر ويقرب من الأدلة هو أن اليمين توجهت على جماعة؛ يعني: رجل ادعى على جماعة فأسرعوا أيهم الذي يحلف، كل واحد يقول: أنا أحلف دونكم، أنا أحلف حتى أبرئكم كلكم فيسهم بينهم.
ويوجد صورة ثالثة وهي: أن يدعي اثنان عينا بيد غيرهما، والتي في يده لا يدعيها؛ لأنه لو ادعاها لكان عليهما البينة لكنه لا يدعيها، يقول: أنا أعطاها لي رجل لا أذكره، فهنا العين المدعى بها بيد ثالث، كلاهما يقول: أنا أحلف أنها لي، هذا يقول: أنا أحلف أنها لي، وهذا يقول: أنا أحلف أنها لي، فهنا يسهم بينهما، لكن إن جرى صلح فالصلح خير؛ بأن تباع العين. ويقسم بينهما إن لم يكن قسمتها هي بنفسها فتقسم، ولكن إذا كان لا يمكن أن تنقسم كالنعل لا يمكن أن ينقسم بين اثنين، لو أعطينا أحدهما نعلا والآخر نعلا لا يستفيد أحدهما، إذ لابد من بيعها ثم تقسم، فإن قال: أنا أدعي بها كاملة والثاني قال: أنا أدعي بها كاملة ولا