فليس من النصيحة أن نقول: أدخل السرور عليه ويفرح، والأمور على ما ينبغي، أمن تام ورخاء تام، ونعمة تامة، والشعب كله شبعان، والشعب كله يشكر لك، والأمر بخلاف هذا فذلك ليس بصحيح، ولهذا من أخطر الناس وأغش الناس أولئك الصحفيون الذين إذا سمعت الصحف الأجنبية في مدح رؤسائهم قلت: هؤلاء من أحسن الرؤساء وهم من أسوأ الرؤساء، لكن هؤلاء ليس عندهم نصح، فالواجب في نصيحة ولي الأمر أن يبين له الحقيقة حتى يسير على منهج سليم، هذه الأمور الستة لابد أن يلاحظها الإنسان إذا كان ناصحاً لولاة الأمور.
من النصح لولاة الأمور أيضاً: القيام بالوظائف التي تحت إمرتهم -أو هذا هو السابع-؛ لأن بعض الناس يكون موظفاً عند أمير وسواء كان الأمير السلطان الأعلى أمن دونه ولكنه لا يقوم بالوظيفة على ما ينبغي إما بقصد شيء؛ ليظهر فشل الأمير، وأن الأمير غير قادر على تدبير ما تحت يده أو بغير قصد سيء لكنه متهاون، فهذا لم ينصح لأئمة المسلمين، وعلى هذا يكون ناقصاً في دينه، إذن كل الذين يتهاونون في أداء الواجب في الوظائف يعتبرون غير ناصحين لأئمة المسلمين؛ لأن النصح أن تعمل وكأنك أنت المسئول الأول؛ يعني: لو أن الموظفين عملوا وكان الواحد منهم هو المسئول الأول لصارت الأمور على ما ينبغي، لكن كثير من الموظفين إنما يستبقون الوظائف من أجل الرغبات الخاصة، ولذلك قل أن تجد الناصح، هذه سبعة أمور كلها تدخل تحت قول الرسول:"لأئمة المسلمين" وربما تكون هناك أشياء عند التأمل لا تحضرني الآن.
[أعظم نصيحة النصح للعلماء]
لكن نرجع الآن إلى الأئمة الآخرين وهم العلماء، وما أدراك من العلماء؟ العلماء: مصابيح الدجى ومنارة الهدى، العلماء هم المسئولون الأولون عن هذه الأمة؛ لأنهم يحملون شريعة النبي صلى الله عليه وسلم في صدروهم يؤدونها إلى الناس، فعليهم مسئولية الأمة وهم أشد الناس مسئولية، لأن الأمراء يتوجهون بتوجيه من العلماء، العامة يتوجهون بتوجيه العلماء فالنصيحة لهم من أوجب الواجبات، وهي داخلة في النصيحة لكتاب الله ورسوله.
النصيحة للعلماء أولاً: أن تسأل الله لهم التوفيق للصواب؛ لأن العلماء إذا ضلوا أضلوا، فينبغي أن نسأل الله دائماً لعلماء المسلمين أن يوفقوا للصواب؛ لأن هذا من الأمور المهمة، وكذلك أيضاً ألحقوا هذا بالنصح لولاة الأمور من الأمراء بالدعاء لهم بالتوفيق والسداد، وأن يصلح لهم البطانة ويعيذهم من سوء البطانة.
ثانياً: من النصيحة للعلماء إذا أخطأ العالم -وكل عالم معرض للخطأ- فالنصيحة حقيقة للعالم ولدين الله عز وجل أن تتصل بالعالم وتخاطبه مخاطبة الأخ لأخيه إن كان مساوياً لك، أو