وقول الجمهور هو الأقرب، ودليله هذا الحديث الذي أيدته آثار سلفية عن الصحابة؛ ولأنه أخذ بالاحتياط في حق السيد فلا يزول ملكه إلا بما رضي به من تسليم من عند عبده.
وقال الشيخ ابن باز (رحمه الله): هذا الحديث يدل على أن المكاتب عبد ما دام عليه درهم فإذا كاتبه على أموال مؤجلة فهو في حكم العبد له النظر إلى سيده وإذا مات، مات رقيقا وولاؤه لسيده حتى يؤدي ما عليه. المكاتب كالحر إذا ملك ما كوتب عليه:
[المكاتب كالحر إذا ملك ما كوتب عليه]
١٣٧٤ - وعن أم سلمة (رضي الله عنها) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي؛ فلتحجب منه». رواه الخمسة وصححه الترمذي.
هذا الحديث يدل على مسألتين وهما: أولاً: أن المكاتب إذا صار معه جميع مال المكاتبة فقد صار له ما للأحرار فتحتجب منه سيدته إذا كان مملوكا لامرأة وإن لم يكن قد سلم ذلك، وهذا الحديث معارض لحديث عمرو بن شعيب وقد جمع بينهما الشافعي فقال: هذا خاصاً بأزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو احتجابهن عن المكاتب، وإن لم يكن قد سلم مال الكتابة إذا كان واجدا له وإلا مُنع من ذلك كما منع سودة من نظر ابن زمعة إليها مع أنه قد قال: الولد للفراش.
والمسألة الثانية: أن الحديث يدل بمفهومه على أنه يجوز لمملوك المرأة النظر إليها ما لم يكاتبها ويجد مال الكتابة وهو الذي دل له منطوق قوله سبحانه وتعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}[النور: ٣١]. ويدل له أيضا قوله لفاطمة لما تقنعت بثوب، وكانت إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك».
قال الشيخ ابن باز (رحمه الله) في تعليقه على الحديث: هذا الحديث «إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي به فلتحتجب منه»، هذا قد يظهر أنه مثل الذي قبله لكن المعنى صحيح؛ لأنه إذا كان عنده ما يؤدي فقد يتساهل فيحصل لها النظر، وعدم التحرز منه وهي عندها ما يمنع ذلك فسدّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) هذا الباب سدا للذريعة؛ لأنه إذا كان عنده ما يؤدي، فإنه يُسلم المال وعلى سيدته الاحتجاب منه ولا يحصل التساهل، فالذي عنده ما يؤدي كالذي أدى يكون كالأحرار تحتجب منه، حتى لا يكون تساهل في هذا الامر، فلو كوتب على (١٠٠٠٠) كل