ومن فوائد هذالحديث: أنه يكفي أن يحثي الإنسان علىراسه ثلات حثيات.
فإن قال قائل: وهل يكفي دون ذلك؟
فالجواب: نعم، لكن لما كان الرأس الذي له شعر يحتاج إلى المبالغة قال: إنما كان يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات"، وإلا إذا علمنا أن الحثية الواجدة بلغت أصول الشعر، فإنه لا يلزمها أكثر من ذلك؛ لقوله تعالى:{وإن كنتم جنبا فاطهروا}[المائدة: ٦].
[حكم المكث في المسجد للحائض والجنب]
١١٤ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب". رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة.
قوله: "إني لا أحل" الجملة هذه مؤكدة ب"إن"، وقوله: "لا أحل" أي: لا أجعله حلالا تكون فيهالحائض وتمكث فيه، "ولا جنب" أي: منعليه جنابة، وعرفتم أن الجنابة تكون بأحد أمرين: إما الإنزال بشهوة، وإما الجماع، ومعنى: لا أحل" أي: لا أحل المكث فيه، أما المرور فإنه لا بأس به كما سنذكره إن شاء الله.
في هذا الحديث فوائد:
منها: جواز إضافة التحليل والتحريم إلى الرسول - عليه الصلاة والسلام-، وأنه - عليه الصلاة والسلام- يحلل ويحرم كما أن الله - تبارك وتعالى- يحلل ويحرم، قال الله تعالى:{وأحل الله البيع وحرم الربوا}[البقرة: ٢٧٥]. كذلك النبي - عليه الصلا والسلام- له أن يحلل ويحرم كما له أن يأمر وله أن ينهى.
ومن فوائد هذا الحديث: تعظيم المساجد، وذلك بمنع الحائض والجنب منها.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يجوز للحائض أن تمكث في المسجد سواء مكثت جالسة أو مضطجعة، أو مترددة فيه، ومن ثم منع النبي صلى الله عليه وسلم الحائض من الطواف، فإن العلة الظاهرة فيه - أي: منعالحائض من الطواف- هو أنها تمكث في المسجد لأنها تتردد، والتردد هذا بمنزلة المكث؛ ولذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله:"إن الحائض إذا اضطرت إلى أن تطوف فلا بأس أن تطوف"،