للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"اعلموا ما شئتم فقد غفرت لكم"، ولهذا قال بعض العلماء: كلما رأيت حديثًا فيه: "غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" فإن كلمة "ما تأخر" تكون ضعيفة؛ لأن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، أما مؤقتًا فكما رأيت في صوم يوم عرفة.

ومن فوائد الحديث: فضيلة صوم يوم عاشوراء؛ لقوله: "يكفر السنة الماضية" ومن فوائده: أن فضل صوم يوم عاشوراء أدنى من فضل صوم يوم عرفة.

ومن فوائده: أن نعمة الله على المسلمين في الأمم السابقة هي نعمة على جنسهم إلى يوم القيامة، فانتصار في الأمم السابقة هو من نعمة الله علينا، ولهذا صام النبي صلى الله عليه وسلم هذا اليوم شكرًا على ما أنعم به على موسى وقومه؛ حيث أنجاهم من الغرق وأغرق فرعون وقومه.

ومن فوائد الحديث: فضيلة صوم يوم الاثنين؛ لأنه لما سُئل عن صومه قال: "ذاك يوم ... " إلخ، فهذا يدل على أن صومه مستحب وفيه فضل؛ لأن ذكر هذه الأشياء التي فيها منفعة لعباد الله يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم يرغب في أن يصام ذلك اليوم، ولهذا قال الله تعالى: {يأيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلم تتقوم * أيامًا معدودات فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرًا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون * شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان} [البقرة: ١٨٣ - ١٨٥]. فخصَّ الله بهذا الشهر الذي أنزل فيه القرآن، فدل ذلك على أن مزية هذا الشهر بسبب نزول القرآن فيه.

[فائدة: حكم الاحتفال بالمولد النبوي]

واستدل بهذا الحديث من قالوا: إنه يُسَنُّ الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل هذه المناسبة لها مزية وهي صوم ذلك اليوم الذي وُلِدَ فيه، ولكن هل هذا الاستدلال صحيح؟ غير صحيح، وهم لا يعلمون به أيضًا، أما كونه غير صحيح، فلأن الرسول صلى الله عليه وسلم قيد الذي يشرع في هذا اليوم وهو الصوم- هذا واحد- فدل ذلك على أن ما عداه ليس بمشروع، فحينئذٍ يكون دليلًا عليهم وليس دليلًا لهم.

ثانيًا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم عيَّن اليوم ولم يعين الشهر، وعلى هذا فلو صادف أن يوم ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم- إن صحَّ تعيين يوم ولادته في غير يوم الإثنين- فإنه لا يصام؛ لأن العلة هو صوم يوم الإثنين فقط.

ثالثًا: أن نقول قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ذاك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه، وأنزل على فيه"، وهم لا يعتبرون الإنزال فيه، وإنما يعتبرون الولادة دون إنزال القرآن فيه مع أن فضل الله علينا بالإنزال على الرسول صلى الله عليه وسلم أكملي من فضله بالولادة؛ لأن الذي حصل فيه الشرف وتمت به النبوة للرسول صلى الله عليه وسلم هو إنزال أما قبل ذلك فإنه بشر مِن البشر الذين ليسوا بأنبياء ولا رسل ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>