الأشاعرة لا يثبون لله صفة الخلق، وإن كان الماترديدية يثبتونها، لكن الأشاعرة يحملون كل ما جاء في صفة الخلق على معنى الإرادة.
فالحاصل: أن هذا الحديث دليل على تجدد فعل الله عز وجل لكنه باعتبار المفعول يكون فعله لهذا الشيء غير فعله للشيء الذي سبقه، أما من حيث أصل الفعل وجنس الفعل فإنه قديم، فإن الله لم يزل ولا يزال- سبحانه وتعالى- خلاقًا.
قوله:"حسر عن ثوبه" من فوق أو من تحت أم ماذا؟ ما حدد، يحتمل هذا أو هذا، ولكن أيهما أولى؟ الظاهر من فوق أحسن، يعني مثلًا: إذا كان عليه رداء يفتح الرداء حتى يصيب أكتافه وظهره، إذا كان عليه غترة مثلًا يكشف الغترة قليلًا حتى يصيب رأسه، فيحمل على أنه أعلاه.
وفي هذا دليل على إثبات ربوبية الله عز وجل لكل شيء للجماد والناطق لقوله:"حديث عهد بربه"، والله تعالى رب كل شيء في الكون ومالكه، بل كل شيء يسبح له، قال الله تعالى:{تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيءٍ إلا يسبح بحمده}[الإسراء: ٤٤]. {ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه}[النور: ٤١]. علم صلاته وتسبيحه بأي وسيلة؟ بتعليم الله له، كل شيء من الحيوانات هذه تعرف كيف تسبح الله، وكيف تعبد الله، {كل قد علم صلاته وتسبيحه} مما علمه الله، يحتمل أن معنى الآية: كل قد علم الله صلاته وتسبيحه، فالآية صالحة لهذا ولهذا، وقد قال الله تعالى عن موسى عليه السلام:{ربنا الذي أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى}[طه: ٥٠]. فهدى كل مخلوق لما خلق له من الأكل والشرب ومن عبادة الله عز وجل وتسبيحه.
[الدعاء عند رؤية المطر]
٤٩٣ - وعن عائشة رضي الله عنهما:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال: اللهم صيبًا نافعًا". أخرجاه.
ولكنه في حديث عائشة لا يحسر عن ثوبه فيكون يفعله مرة ويدعه مرة، وقوله:"اللهم صيبًا" هذه على وزن "فيعل"؛ لأنه من صاب يصوب. إذا نزل فيقول:"اللهم اجعله صيبًا" يعني: نازلًا، وقوله:"نافعًا" هذا هو المقصود بالدعاء؛ لأن كونه صيبًا قد وقع، لكن المهم أن يكون نافعًا، هذا هو محط الدعاء، "اللهم صيبًا نافعًا"، و"صيبًا" ما محلها من الإعراب؟ مفعول ثان لفعل محذوف تقديره: اللهم اجعله صيبًا نافعًا، وعلى هذا يقول ابن مالك:
وحذف ما يعلم جائز
هذا من الذي يعلم، وقوله:"نافعًا" لم يتقيد بشيء فيكون نافعًا للبهائم، ونافعًا للناس، ونافعًا للأرض بإخراج النبات منها: {لنحي به بلدة ميتًا- هذا ينفع الأرض- ونسقيه مما خلقنا