أول ليلة، فلذلك لا يمكن أن يتخذ من هذا الحديث دليل على ما يسمونه بشهر العسل، ثم هذا الذي يسمونه بشهر العسل كثير من الناس الذين عندهم مال يذهبون إلى خارج البلاد وينفقون نفقات كثيرة وربما يفعلون أشياء منكرة فيبدلون شكر النعمة كفرا -والعياذ بالله-، وما أحسن ما يفعله بعض الناس -وأقول: ما أحسن، يعني: أنه أهون من غيره وإلا فليس له أصل في الشرع- يسافر بها إلى مكة أو المدينة يؤديان عمرة وزيارة للمسجد النبوي، لكن مع ذلك أننا نقول: إن هذا أمر مشروع، لكن نقول: إذا بليتم فهذا أحسن، لكن -الحمد لله- يبقى الإنسان في بلده مستريحا وآمنا.
****
[١ - باب الكفاءة والخيار]
«الكفاءة» يعني: مكافأة الشيء بالشيء، ومن المعلوم أن الكفاءة في الدين من حيث أصل الدين لابد منها، فلا تتزوج المسلمة كافراً باتفاق المسلمين وبالنص أيضا:{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}[الممتحنة: ١٠]. والكفاءة في العدالة يعني: فاسق يتزوج امرأة ملتزمة هذا ليس بشرط ما دام فسقه لا يخرجه من الإسلام، لكنه لا ينبغي أن يزوج الفاسق مع إمكان أن تزوج بعدل لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه»، ولكن أحيانا تلجئ المصلحة إلى تزويج فاسق مثل أن تكون المرأة ثيبا لا يكثر الخطاب عليها، أو تكون المرأة قد كبرت ويقل الخطاب عليها، فهنا تزويجها بالفاسق يكون لحاجة إلا أنه يستثنى من الفسق فسق الزنا كما سبق فإن تزويج الزاني حرام ولا يصح النكاح لقوله تعالى:{الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً}[النور: ٣]. إذن الكفاءة في الدين لابد منها، ويستثنى منها: أن يتزوج المسلم بالكتابية؛ لأن الزوج هنا أعلى من الزوجة، وقد جاء في القرآن الكريم يحل تزوج الرجل المؤمن بالمرأة الكتابية فقال تعالى:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ... }[المائدة: ٥]. ولكن مع هذا كره كثير من السلف أن يتزوج المؤمن كتابية مع إمكان أن يتزوج مسلمة وإن كان هذا حلالا لكن كرهوا ذلك، وعللوا الكراهة بأمرين: الأول: أن هذا قد يكون خطراً على دين المرء المسلم، ولاسيما إذا أحبها حباً شديداً فإن ذلك يخشى أن تؤثر فيه، ويذكر أن رجلاً مؤذناً صعد المنارة فوجد على أحد السطوح امرأة نصرانية