للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعل من السنة, أو الإقرار من السنة, نحن لا ننكر على هذا الرجل إذا التزم بـ {قل هو الله أحد} يختم بها لا ننكر عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقره لكننا لا نقول للناس اختموا قراءة الصلاة بـ {قل هو الله أحد} , ومن ذلك الوصال في الصوم هو جائز, لكن المبادة بالفطر أفضل منه حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر». ومن ذلك أيضًا إقراره عائشة رضي الله عنها على الإتيان بعمرة حينما أنشأت الإحرام بالعمرة لتكون متمتعة, ولكن حال بينها وبين إتمامها أنها حاضت في أثناء الطريق فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تدخل الحج على العمر لتصير قارنة وأخبرها أنها بذلك حصل لها حج وعمرة, فقال لها: «طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك» , لكنها لم تطلب نفسها إلا بأن تأتي بعمرة مستقلة حتى لا يفخر عليها زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ويقلن: أتينا بعمرة وحجة وأنت أتيت بالحج, وحينئذ لا نقول: يسن لكل امرأة أحرمت متمتعة ثم حاضت قبل أداء العمرة وقرنت أن تعتمر بعد الحج, لكن لو فعلت فلا حرج, لا نقول: إنها مبتدعة, أو ننهاها عن هذا, بل نقول: لا حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعط أمته كلامًا عامًا, ويقول: من اعتمرت متمتعة ثم حاضت قبل أن تؤدي العمرة فلتأت بها بعد الحج, بل إن ظاهر محاورته مع عائشة أن الأفضل عدم ذلك؛ ولهذا جاء في بعض روايات مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد قال لها ذلك مداراة لها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحب أن يكون الإنسان قلقًا في شيء من عبادته, ما دام الأمر واسعًا فليفعل.

ومن فوائد الحديث: بيان حرمة المساجد وأن ذلك أمر مشهور عند الناس؛ وذلك لأن عمر لحظ حسانًا, وحسان أخبر بأنه يفعل ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

[حكم إنشاد الضالة في المسجد]

٢٤٥ - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع رجلًا ينشد ضالةً في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك, فإن المساجد لم تبن لهذا». رواه مسلم.

قوله: «من سمع رجلًا ينشد» كلمة «رجل» يعني: أن رجل, حتى لو فرض أنه لو سمع امرأة فالحكم واحد, «ينشد ضالة» أي: يسأل عنها من رأى ضالته, من عينها, من حفظها, وما أشبه ذلك من العبارات, والضالة هي الضائع من المواشي, وهي ضالة الإبل, ضالة الغنم, ضالة البقر, فمن سمع من ينشدالضالة «فليقل: لا ردها الله عليك» الجملة هنا خبرية؛ لأن الفعل فيها ماض منفي, والمراد بها: الدعاء, يعني: أنك إذا سمعته تدعو الله ألا يردها عليه, «فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>