يمكن فهذا أقول إنه إذا سقط القصاص لعدم تمام الشروط أو لوجود مانع أو لعفو أولياء المقتول فإنه لا يجب عليهم إلا دية واحدة والفرق بينها وبين القصاص واحد أن القصاص لا يمكن تبعضه وأما الدية فيمكن تبعضها.
[التخيير بين الدية والقصاص وشروطه]
١١٢٩ - وعن ابن شريح الخزاعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمن قتل له قتيل بعد مقالتي هذه، فأهله بين خيرتين: إما أن يأخذوا العقل، أو يقتلوا". أخرجه أبو داود، والنسائي.
- وأصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة بمعناه.
هذا قاله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح يقول:"بعد مقالتي هذه" لأن هذا الوقت هو الذي قرر فيه صلى الله عليه وسلم ماذا يكون في قتل العمد وأن أولياء المقتول يخيرون بين كذا أو كذا فقوله: "فأهله" المراد بالأهل الورثة ورثة القتيل هم الذين لهم الخيار فإذا كان أخوان وعمان فقال العمان نريد القصاص وقال الإخوان نريد الدية فمن القول قوله؟ الأخوين دون العمين؛ لأن العمين لا ميراث لهما فلا حق لهما في شأن المقتول وقوله غما أن يأخذوا العقل أي الدية وهي مئة من الإبل وسميت عقلًا لأن الذين يضمنونها يأتون بها على بيت أولياء المقتول ويعقلونها بعقولها وهي الحبال التي تربط بالإبل وهي باركة حتى لا تقوم قال: وإما أن يأخذوا هناك شيء ثالث وهو العفو مجانًا ولم يذكر في الحديث لأن أمره ظاهر ولأن المقصود العوض وهو القتل وإما الدية وهي مائة من الإبل - كما سيأتي - إذن يخيرون بين ثلاثة أشياء: العفو مجانًا وأخذ الدية والقصاص هناك شيء رابع لو قالوا نحن لا نسقط القصاص إلا بديتين، يعني: مائتي بعير فعل لهم ذلك؟
الحديث قد يمنع ذلك.
إذن هذا الحديث فيه فوائد: تقرير هذا الحكم الشرعي عند فتح مكة لقوله: "بعد مقالتي هذه".
من فوائده: أن الأحكام الشرعية تتجدد شيئًا فشيئًا وهو أمر واضح فالأحكام الشرعية تتجدد في أعظم أصول الدين وفي الفروع أيضًا ويدل لهذا قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} فالدين يكمل شيئًا فشيئًا حتى انتهى.