للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني أن يرمي أربعة شخصًا بأحجار كل واحد منها قاتل وهم لم يشعروا أي لم يشعر بعضهم ببعض فهؤلاء أيضًا يقتلون جميعًا لأن فعل كل واحد منهم صالح للقتل ولم يعلم عين القاتل، يعني: أن القتل حصل بفعل الجميع فأما لو انفرد أحدهم بالقتل ثم أجهز عليه الآخرون فالقاتل الأول كما لو ذبحه أحدهم وهم لم يعلم بعهم ببعض فجاء أناس فوجدوا هذا الإنسان قتيلًا مذبوحًا فشقوا بطنه أو رضوا رأسه فمن القاتل؟ القاتل الأول ولو كان بالعكس جرحه إنسان أو ضربه ضربًا غير قاتل ثم جاء آخر فوجده صريعًا بعد الضربة فذبحه فمن القاتل؟ الثاني، هذا الحكم الذي حكم به عمر رضي الله عنه هو مقتضى الدليل ومقتضى النظر لما في ذلك من حماية الأموال أما كونه مقتضى الدليل فلأن كل واحد منهم كان القتل بسببه، يعني: أن هؤلاء المجموعة إنما تقدم أحد فقتل لأنه مستقو بالآخرين الذين مالؤه على ذلك فكان القتل ناشئًا من الجميع لأن هذا الرجل لو انفرد وحده لم يقتل لكن بما حصل من الممالأة أقدم على القتل فصاروا قاتلين كل واحد منهم يصدق عليه أنه قاتل نفسًا فيقتل أما الصورة الثانية إذا لم يتمالؤا ولكن صلح فعل كل واحد للقتل فكذلك لأن كل واحد منهم جنايته موجبة للقصاص فوجب أن يقتل وهذا الذي قضى به عمر هو الموافق للنظر والقياس الصحيح وقال بعض العلماء: لا يقتلوا؛ لأننا لو قلنا: أربعة بواحد تعذرت المماثلة؛ لأن الأربعة أكثر من الواحد والنفس بالنفس فيتعذر القصاص وحينئذ نرجع إلى الدية فتلزمهم دية، ولكن ما قضى به عمر هو الحق أولًا لأن أمير المؤمنين عمر من الخلفاء الراشدين الذين لهم سنة متبعة.

والثاني: أن هذا هو مقتضى النظر والقياس.

والثالث: أننا لو قلنا: يسقط القصاص في هذه الحال لكان الذي يريد أن يقتل شخصًا يقول لثلاثة من أصحابه ساعدوني فيقتله ولا يكون عليه قصاص فتحصل هذه المفسدة العظيمة ولا شك أن سد الذرائع أمر مطلوب للشرع.

فإذا قال قائل: سقط القصاص لعدم تمام الشرط أو لوجود المانع أو لعفو أولياء المقتول فهل يلزم كل واحد منهم دية كاملة أو تلزمهم واحدة؟

الجواب: الثاني تلزمهم جميعًا دية واحدة لأن هذه الدية عوض على النفس الفائتة ولم يفت إلا نفس واحدة.

فإن قال قائل: لماذا لا نجعل الدية عوضًا عن الأنفس التي سقط عنها القصاص؟

فالجواب: أن هذا لا يستقيم لأن القصاص إنما وجب على الجميع لتعذر التبعيض فيه وأما الدية فيمكن أن تبعض، يعني: يمكن إذا كانوا خمسة أن نقول على كل واحد خمس الدية لكن إذا كان القتلة خمسة وفيه القصاص هل يمكن أن نقول كل واحد منهم يقتل خمس قتلة؟ لا

<<  <  ج: ص:  >  >>