للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو هذه المحظورات المذكورة فيها الفدية، وما هي الفدية؟ قالوا: الفدية هي فدية حلق الرأس صيام أو صدقة أو نسك، الصيام كم؟ ثلاثة أيام، والصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، والنسك ذبح شاة توزع على الفقراء، فقالوا: إن هذه الفدية؛ لماذا؟ قالوا: قياسًا على وجوبها في حلق الرأس، والقياس كما تعلمون أنه لابد فيه من أصل وفرع وعلة جامعة وحكم، الحكم متفق على رأي جمهور العلماء بين هذا وبين فدية حلق الرأس، والأصل فدية حلق الرأس، والفرع فدية لبس هذه الأشياء، والعلة الجامعة قالوا هي: "الترفه"؛ لأن حلق شعر الرأس إنما وجبت به الفدية؛ لأنه ترفه بحلقه حيث أزال عنه الأذى؛ وإزالة الأذى ترفه فنحن ننظر هل العلة الترفه وهل الترفه الحاصل يدفع الأذى كالترفه الحاصل بكمال الزينة؛ لأننا قد نمانع في أن العلة في وجوب الفدية في حلق الرأس هي الترفه فإن من الممكن أن يقول قائل: العلة في تحريم حلق الرأس في الإحرام هو أن الرأس يتعلق به نسك، فإن حلق الرأس والتقصير من واجبات الحج والعمرة، ولو أن المحرم حلقه لفات هذا النسك، فكان لزامًا عليه أن يبقيه من أجل أن يتنسك لله تعالى بإزالته حلقًا أو تقصيرًا.

ثم نقول: الترفه الحاصل بالحلق ليس كالترفه الحاصل بلبس هذه الثياب، الترفه الحاصل بالحلق من أجل إزالة أذى فهو رفع ضرر أما هذه فالترفه فيها من باب الزينة والسهولة في الملبس ونحو ذلك فافترقتا.

ثم نقول: إنه ليس مطلق الترفه موجب للفدية، فها هو المحرم يغتسل ويتبرد ويأكل المأكولات الطيبة ويتفكه في المشارب وفي الملبوسات المباحة وكذلك في المفروشات وغير ذلك ويستظل، وهو نوع من الترفه، فالتعليل بالترفه فيه نظر أيضًا؛ لهذا نقول: إن دل الإجماع على وجوب الفدية في وجوب هذه الأشياء فهو المتبع، وليس لنا أن نخرج عن إجماع المسلمين، وإن لم يدل الإجماع على ذلك فالأصل براءة الذمة وإلحاق هذه بحلق الرأس مع إمكان وجود الفارق فيه نظر.

[جواز استعمال الطيب عند الإحرام]

٦٩٧ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت". متفق عليه.

ذكر المؤلف رحمه الله هذا الحديث عقب حديث ابن عمر؛ لأن في حديث ابن عمر الإشارة إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>