ومن فوائد الحديث: وجوب قطع اليد بجحد العارية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقطع يد المرأة.
ومن فوائد الحديث: جواز استتابة الغير في إقامة الحد؛ يعني: يجوز للإمام الذي يتولى إقامة الحدود أن ينيب غيره في إقامة الحد لقوله: "فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ".
فإن قال قائل: هل الأولى أن يأمر الإمام بقطع اليد، أو أن يباشر القطع بيده؟ حسب المصلحة إذا كان من المصلحة أنه إذا تولى بنفسه قطع يد السارق كان أعظم شأنًا وأشد على الناس فليفعل، وله في ذلك أجر، لأن إقامة الحدود قيام بفريضة من فرائض الله يثاب عليه الإنسان ثواب الفريضة.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز للإمام إذا وكل أحدا في إقامة الحد أن يتغيب؛ لأن الظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحضر.
فإذا قال قائل: هل يقاس على العارية جحد ما سواها من الأمانات كجحد الشيء المستأجر وجحد الوديعة؟
فالجواب: لا قياس؛ لأنه لا يمكن أن تتحقق العلة التي ثبت بها قطع يد المستعير في أي صورة أو في أي مسألة من مسائل الجحد، ومن شرط القياس أن يتساوى الأصل والفرع في العلة، فلنأت أولًا إلى الوديعة مثل أن نعطي لشخص دراهم أو سيارة نقول خذ هذه عندك إلى حين، هذه لا يمكن أن نقيسها على العارية؛ لأن قابض العارية قبضها لمصلحتها والمودع لمصلحة المعطي، الإجارة لو أن الإنسان استأجر شيئًا ثم جاء مالكه وقال: أعطني ملكي، قال: لا أعطيك أبدًا ليس لك، لا يمكن أن يقاس على العارية؛ لأن المستأجر قبضها لمصلحة مالكها وهي الأجرة، الرهن كذلك، يعني: إنسان أعطى شخصًا شيئًا رهنًا عنده هذا قبضه المرتهن لمصلحته، فبينهما فرق؛ يعني: لا يمكن أن تساوي العارية من جميع الأمانات؛ ولهذا لا يصح أن نقيس هذا بالأمانات التي لا يقطع من جحدها؛ لأن بعض العلماء - رحمهم الله - قالوا: لا يمكن أن نقطع جاحد العارية، كما أنه لا يمكن أن نقطع جاحد الوديعة، قلنا: هذا قياس مع الفارق فيعتبر قياسًا فاسدًا.
[المختلس والمنتهب]
١١٨٤ - وعن جابر رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ليس على خائنٍ ولا منتهبٍ، ولا مختلسٍ قطعٌ". رواه أحمد والأربعة، وصحَّحه التِّرمذيُّ، وابن حبَّان.