للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الوجه الأول فيقولون به، وأن الناس لو أخطأوا في الوقوف فوقفوا في الثامن أو في العاشر فإن حجهم صحيح، أما في المسألة اليوم والفطر فيفرقون بين الصوم والفطر يقولون: إذا رأى هلال رمضان وجب عليه الصوم، وعللوا ذلك بأن رمضان يثبت بشهادة الواحد، وكون القاضي لا يعمل بشهادة هذا الرجل لا يقدح في حقيقة الواقع، فنقول لهذا الرجل: صم، ولكن ينبغي أن يكون صومك سرًا لئلا تخالف الجماعة، وأما إذا رأى هلال شوال بعينه ولكن القاضي لا يعتد بشهادته؛ لأنه واحد أو لجهالته بحاله، أو ما أشبه ذلك قالوا: بأنه لا يفطر إلا مع الناس؛ لأن شهر شوال لا يثبت إلا بشاهدين، وهذا محله ما لم يكن في محل وحده في مكان منفرد عن الناس فإنه إذا كان منفردًا فالعبرة برؤيته هو؛ لأنه في هذه الحال لا يخالف الجماعة فهو جماعة نفسه، ولاسيما فيما سبق من الأزمان، حيث إن العلوم لا تصل إلى كل إنسان في كل مكان، إنما جاء المؤلف (رحمه الله) بهذا الحديث في هذا الباب- وإن كان محله في باب الصوم أليق- لقوله: "الفطر يوم يفطر الناس" والفطر عيد وهو عيد الفطر، والأضحى يوم يضحي الناس وهو عيد الأضحى، والصلاة تكون في هذين اليومين، هذا هو وجه المناسبة لذكر هذا الحديث في هذا الباب؛ لأن الصلاة لا تشرع إلا إذا ثبت أن هذا اليوم يوم عيد، وإلا فلا تشرع.

[حكم صلاة العيد في اليوم الثاني إذا ترك لعذر]

٤٦١ - وعن أبي عمير بن أنس، عن عمومةٍ له من الصحابة، "أن ركبًا جاءوا، فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يفطروا، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم". رواه أحمد، وأبو داود، وهذا لفظه وإسناده صحيح.

"عمومة" جمع عم، وهم من الصحابة لكن مجهولون، يقول العلماء: إن جهالة الصحابة لا تضر؛ وذلك لأن الأصل فيهم العدالة، وعلى هذا فالجهل هنا لا يضر.

وقوله: "أن ركبًا جاءوا فشهدوا" الركب: اسم جمع لراكب، مثل: رهط اسم جمع لجماعة من الناس، وليس له مفرد من لفظه، "جاءوا فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس"، وهؤلاء الركب أيضًا مجهولون ولكن لا تضر جهالة الصحابة، شهدوا عند النبي (صلى الله عليه وسلم) أنهم رأوا الهلال بالأمس- يعني: البارحة-، وهذا كان بالنهار، وقد غم الهلال على أهل المدينة ما علموا به، "فأمرهم"، قوله: "أمرهم" ظاهر سياق المؤلف للحديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أمر هؤلاء الركب، ولكن لفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>