عبرة بموافقتهم ولا بمخالفتهم، يوجد من أهل البدع من لا يفطر مع المسلمين ولا يصوم مع المسلمين، وإنما يجعل له وقتًا خاصًا في عبادته هؤلاء لا عبرة بهم، ولكن الكلام على المؤمن المتبع، فالفطر يوم يفطر والأضحى يوم يضحي.
وقوله (صلى الله عليه وسلم): "الفطر يوم يفطر الناس" هل المراد: أن الفطر حكمًا عند الله يوم يفطر الناس ولو أخطأوا، والأضحى يوم يضحي الناس ولو أخطأوا، أو المعنى: الفطر لازم للإنسان إذا أفطر الناس، والأضحى لازم له إذا ضحى الناس؟ والفرق بينهما واضح على المعنى الأول يقول:"الفطر يوم يفطر الناس" أي: أن الناس إذا أفطروا فهو الفطر عند الله، ولو أخطأوا لو تبين أنهم يخطئون في فطرهم وأن شوال لم يدخل ما يضرهم، فالفطر يوم يفطرون والأضحى يوم يضحون، حتى لو تبين أن عيد الأضحى كان متقدمًا أو متأخرًا فإنه لا يضرهم، ولا يضرهم الوقوف بعرفة إذا كانوا حجاجًا، فيكون هذا الحديث منصبًا على ما إذا أخطأ الناس في تعيين يوم الفطر أو الأضحى فإن ذلك لا يضرهم.
أما الوجه الثاني في تفسير الحديث: فالمعنى: أن الناس إذا أفطروا لزم كل واحد أن يفطر، وإذا ضحوا لزم كل واحد أن يضحي ولو كان على خلاف ما يراه هو، وكلا المعنيين صحيح؛ ولهذا قال العلماء في المسألة الأولى: لو أخطأ الناس فوقفوا في اليوم الثامن أو في اليوم العاشر فإن حجهم صحيح؛ لأن "الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس"، وكذلك لو أخطأوا في مسألة الفطر فأفطروا وتبين أنه لم يدخل شوال فإنه لا يضرهم إذا أفطروا ذلك اليوم، وهل يلزمهم القضاء؟ يحتمل أنه يلزمهم القضاء؛ لأنه تبين أنهم أفطروا يومًا من رمضان، ويحتمل ألا يلزمهم لعموم قوله:"الفطر يوم يفطر الناس".
أما المعنى الثاني في هذه المسألة: فإنه إذا أفطر الناس لزم الإنسان الفطر وإن لم ير الهلال، وإذا صام الناس لزم الإنسان الصوم وإن لم ير الهلال، وإذا لم يفطروا الناس لم يفطر ولو رأى الهلال، وإذا لم يصم الناس لم يصم ولو رأى الهلال، مثال ذلك: رجل رأى هلال رمضان وجاء عند القاضي يشهد، ولكن القاضي لم يعتبر شهادته فإنه لا يصوم؛ لأن الناس لم يصوموا، أو رأى هلال شوال بعينه وليس عنده فيه إشكال وجاء إلى القاضي، ولكن لم تقبل شهادته فإنه يلزمه أن يصوم؛ لأن الفطر يوم يفطر الناس هذا ما دل عليه الحديث.
وهذا الحديث هذا اختلف العلماء في صحته مرفوعًا؛ فمنهم من قال: إنه موقوف على عائشة لكن له شاهد من حديث أبي هريرة. والمشهور من مذهب الحنابلة في هذه المسألة: