اختلاف الدين، وهذا هو القول الراجح، أن الولاء ثابت ولكن لا توارث بينهما، ولو كان العبد الذي أعتقه سيده كافراً فإنه يثبت الولاء له عليه لكن الميراث لا يرثه لو مات، والمرأة لا ترث بالولاء إلا من أعتقت فلا ترث بالولاء بواسطة النسب.
مثال ذلك: رجل وأنثى اشتريا أباهم ثم عتق عليهما، ثم إن الأب اشترى عبدا فأعتقه فهل يرثان أباهما ميراث نسب أم ميراث ولاء؟ الجواب: يرثانه ميراث نسب؛ لأن النسب مُقدم، فإن كانت البنت بذلت في قيمة والدها عشرة آلاف والابن بذل خمسة آلاف، فمات الأب، فللذكر مثل حظ الأنثيين، فلو قالت: أنا بذلت أكثر من أخي في شراء والدي قلنا فالنسب مقدم على الولاء.
قال الشيخ ابن باز (رحمه الله) في تعليقه على الحديث: هذا الحديث «إنما الولاء لمن أعتق» فإذا أعتق زيد سعيدا أو عمراً أو فلانا فالولاء له ولعصبته كما في حديث عائشة، فإنها أعتقت بريرة وقال لها النبي (صلى الله عليه وسلم): «الولاء لمن أعتق».
[بيع الولاء وهبته]
١٣٧١ - وعن ابن عمر (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب». رواه الشافعي، وصححه ابن حبان والحاكم، وأصله في الصحيحين بغير هذا اللفظ.
قوله (صلى الله عليه وسلم): «الولاء لحمة كلحمَة النسب» فيه تشبيه الولاء بلحمة النسب، ومعناه: أنه يجري الولاء مجرى النسب في الميراث كما تخالط اللحمة سدى الثوب حتى يصير كالشيء الواحد، والحديث دليل على عدم صحة بيع الولاء ولا هبته؛ فإن ذلك أمر معنوي كالنسب لا يتأتى انتقاله كالأبوة والأخوة لا يتأتى انتقالهما، وقد كانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع وغيره فنهى الشرع عن ذلك، وعليه جماهير العلماء، وروي عن السلف جواز بيعه، وروي عن آخرين منهم جواز هبته، وكأنهم لم يطلعوا على الحديث، وحملوا النهى على التنزيه، وهو خلاف أصله.
قال الشيخ ابن باز (صلى الله عليه وسلم) تعليقا على هذا الحديث: «الولاء لحمة»، يُقال: لُحمة ولَحمة يعني: الولاء من جنس النسب، كما أن النسب لا يُباع فالولاء لا يُباع فمن يبيع أخاه أو عمه أو خاله؟ ! فهذا ثابت لا يُباع، بل يثبت الولاء عليه ولعصبته، وأصله في الصحيحين عن ابن عُمر: «أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نهى عن بيع الولاء وعن هبته» لأنه كالنسب لا يباع ولا يُوهب.