٥٠٣ - وعن عمران بن حصينٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:((إنَّ الله يحبُّ إذا أنعم على عبده نعمةً أن يرى أثر نعمته عليه)). رواه البيهقيُّ.
وذلك لكمال كرمه عز وجل وأنه إذا أنعم عليك نعمة يحب أن يرى أثر هذه النعمة عليك، والنعمة- كما تعرفون جميعًا- هي الفضل، ونعمة الله على العبد نوعان: نعمة في الدين، ونعمة في الدنيا.
والنعمة في الدين: هي الإيمان والعلم، يعني: تنبني على الإيمان والعلم، فينبغي للإنسان إذا منَّ الله علي بالإيمان أن يرى الله- سبحانه وتعالى- من ثمرات هذا الإيمان ما يتبين به نعمته عليه وذلك بالعمل الصالح، كثرة الطاعات واجتناب المعاصي؛ لأن الإيمان يستلزم ذلك ولابد فإن الإيمان صلاح القلب صلحت الجوارح، أيضًا العلم هذا نعمة من الله، ولهذا قال الله تعالى لرسوله- عليه الصلاة والسلام-: {وعلَّمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيمًا}[النساء: ١١٣]. فإن نعمة الله على العبد بالعلم من أفضل النعم، فيرى أثر نعمته عليه بالعلم في مظهره، ومتعبده ودعوته الخلق، وتعليم الخلق ما استطاع، هذا من آثار النعمة، لا يكون الرجل الذي من الله عليه بالعلم كالرجل العامي يجلس في المجلس ويقوم ولا ينتفع الناس به، أو تكون صلاته كصلاة الناس على العادة لا يظهر فيها تجديد موافق للشرع بل يصلي كما يصلي الناس، هذا ما أرى الله أثر نعمته عليه، بل لابد أن يكون لهذه النعمة آثار تظهر على سلوك الإنسان نفسهـ، وعلى سلوكه مع غيره.
وأما النوع الثاني من النعمة: فهي نعمة الدنيا من المال والحسب والجاه وما أشبه ذلك، فالله عز وجل يحب من عبده أن يرى أثر نعمته عليه في ذلك، ففي المال مثلًا إذا أنعم الله عليك بالمال فإن من آثار نعمة الله عليك بالمال أن يكون لباسك جميلًا، وأن يكون لك فراش ليس للفقراء، وبيت ليس كبيوت الفقراء، وما أشبه ذلك، هذا من آثار النعمة، لا تقل أنا قد أنعم الله علي بالمال وعندي مال كثير أخرج بعباءة مرقعة وثوب متشقق ونعال متقطعة، لماذا يا أخي؟ قال: لأن هذا هو الزهد. هذا ليس بزهد، هذا قد يكون الإنسان به آثمًا؛ لأنه لباس شهرة بالنسبة إليه، فإن الشهرة كما تكون في لبس الشيء الذي يلفت النظر لارتفاعه تكون أيضًا في لبس الشيء الذي يلفت النظر لدنوه وانحطاطه، فليس هذا من لباسك أر الله عز وجل أثر نعمته عليك بلباسك ومظهرك لا تقل: أنا لا ألبس الزينة، فإذا قلت ذلك فإن الله يقول:{قل من حرم زينة الله الَّتي أخرج لعباده والطَّيبات من الرزق}[الأعراف: ٣٢]. كذلك إذا كنت ذا حسب فأر الله نعمته