بعدت - إلى الشرك, أمر واجب, ولهذا ينهى عن أن يقال: ما شاء الله وشئت, وأن يحلف بغير الله, وما أشبه ذلك, كل ذلك حماية لجانب التوحيد.
ومن فوائد الحديث: أن كل ما دخل في اسم المقبرة ولو خارج القبور فإنه ليس محلًا للصلاة, حتى ولو كانت القبور خلف المصلى, فإنه لا يحل له أن يصلي في المقبرة.
ومنها: أن ظاهر الحديث لا فرق بين أن يكون في هذا المكان ثلاثة قبور, أو قبران, أو قبر واحد ما دام يطلق عليه اسم المقبرة؛ فإن الصلاة فيه ممنوعة, وأما من قال: إنه لا يضر القبر والقبران؛ لأن المقبرة لا تكون مقبرة إلا إذا دفن فيها ثلاثة فأكثر؛ فهذا قول ضعيف, والصواب: أنه ما دام هذا المكان يسمى مقبرة فإنه لا تصح الصلاة فيه.
فإن قال قائل: أرأيتم إن كان هذا المكان معدًا للمقبرة, ويقال: إنه مقبرة لكن لم يدفن فيه أحد؟
فالجواب: أن الصلاة فيه جائزة؛ لأنه لا يصدق عليه الآن أنه مقبرة.
ومن فوائد هذا الحديث: منع الصلاة في الحمام لقوله: «والحمام» , الكنيف والمرحاض من باب أولى؛ لأنه أخبث, حتى لو قدر أن المرحاض كبير وجانب منه طاهر لا يصل إليه البول أو الغائط, فإن الصلاة فيه لا تصح؛ لأنه إذا لم تصح الصلاة في الحمام ففي هذا المكان من باب أولى ألا تصح ... [معنا] الآن ثلاثة أمكنة: المقبرة, الثاني: الحمام, الثالث: المرحاض.
[الأماكن التي ينهى عن الصلاة فيها]
٢٠٧ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: «نهى أن يصلى في سبع مواطن: المزبلة, والمجزرة, والمقبرة, وقارعة الطريق, والحمام, ومعاطن الإبل, وفوق ظهر بيت الله تعالى». رواه الترمذي وضعفه.
وهو جدير بالتضعيف, لكن ابن حجر رحمه الله يذكر الأحاديث الضعيفة في هذا الكتاب؛ لأنها مشهورة بين الفقهاء, فيحب أن يبين مرتبتها من حيث الصحة والحسن والضعف. يقول: «نهى أن يصلى في سبع مواطن» , وهي جمع موطن, والمراد به هنا: المكان, وإن لم يستوطنه الإنسان. «المزبلة» يعني: ملقى الزبالة, وهي الكناسة؛ لأنها لا تخلو غالبًا من أشياء قذرة, وقد تكون من أشياء ظاهرة, لكن لا يليق أن تقف بين يدي الله عز وجل في هذا المكان؛ لأنه إذا كان نهي أن يتنخم