٥٢٧ - وعن بريدة (رضى الله عنه) في قصة الغامدية التي أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) برجمها في الزنا قال: "ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت". رواه مسلم.
الغامدية هذه من غامد، وغامد بطن من جهينة، ولذلك ذكرها بريدة (رضي الله عنه) باسم الغامدية، وذكرها عمران بن حصين باسم امرأة من جهينة، وههما واحدة، هذه المرأة جاءت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهي حبلى من الزنا واعترفت عنده بأنها زنت، وأمرها النبي (صلى الله عليه وسلم) أن تتوب إلى الله وأن تستغفر وأن تستر على نفسها، فقالت: يا رسول الله، أتريد أن تردني كما رددت ماعزًا؟ ! مصممة (رضي الله عنها) على أن يطهرها من هذا الزنا، فقال: ما شأنك؟ قالت: إنها حبلي من الزنا، ولكن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أمر أن تنتظر حتى تضع ثم تفطم الولد، فلما فطمت الولد، فلما فطمت الولد أمر بها فرجمت، فكان من جملة من رجمها خالد بن الوليد (رضي الله عنه) فحصل عليه دم من رأسها حين ضربه فسبها، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): "لقد تابت توبة لها تابها صاحب مكس لغفر له"، ولما توفيت (رضي الله عنها) صلى عليها النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال له عمر: يا نبي الله، تصلي عليها وقد زنت، فقال:"لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لو سعتهم"، هذا بعد أن ماتت (رضي الله عنها).
وقول المؤلف:"أمر بها فصلى عليها ودفنت" ليته أتى بحديث عمران بن حصين الذي فيه التصريح بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) صلى عليها، وأن عمر كلمة في ذلك؛ لأن قوله هنا:"ثم أمر بها فصلى عليها" ظاهره أنه هو (صلى الله عليه وسلم) لم يصل عليها، وقد أخذ بظاهر هذا الحديث جماعة من أهل العلم وقال: إنه لا ينبغي للإمام أن يصلى على من قتل في حد، ولكن الحديث الصحيح صريح جدًا في صحيح مسلم من رواية عمران بن حصين في أن النبي (صلى الله عليه وسلم) صلى عليها بنفسه، فيكون صلى عليها بعد أن أمر بأن يصلى عليها.
فيستفاد من هذا الحديث: أولاً: أن الزنا ليس بكفر، وجه ذلك؟ أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أمر أن يصلى عليها، وصلى عليها هو بنفسه، ودفنت مع المسلمين، يتفرع على هذه الفائدة فائدة أخرى وهي: الرد على الخوارج والمعتزلة؛ لأن الخوارج يقولون في فاعل الكبيرة: إنه كافر، والمعتزلة [يقولون: في منزلة بين المنزلتين].