وقال بعض أهل العلم: لا تنعقد من الهزل إذا ثبت أنه هزل فإنها لا تتعقد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات ... " الحديث، وهذا لم ينو إنما قاله على سبيل المزح، وعلى سبيل الهزل، وعكس النظر أو التعليل السابق قال هذه العقود لعظمها وخطرها لا ينبغي أن يلزم الإنسان بحكمها إلا بوجه متيقن، وأنها لخطرها لا تثبت بالهزل، وهذا مذهب الظاهرية وذهب إليه أيضًا بعض الفقهاء وقال: إن الأحاديث الواردة فيها لا تثبت.
ولكن الجمهور على أنها تثبت وهذا هو الأحوط وهو الأسلم من التلاعب؛ لأن الناس إذا علموا أنهم إذا هزلوا فيها ألزموا بها توقفوا عن الهزل، وإذا علموا أن الهزل لا يثبتها صاروا يهزلون بها كثيرًا وكثر التلاعب وصار ربما طلق قال أنا هازل وإذا عقد قال أنا قال أنا هازل وإذا راجع قال أنا هازل وهذا يترتب عليه أمور كثيرة من ثبوت النسب والمصاهرة والتحريم بالمصاهرة وغير ذلك مما هو خطير فجعل فيها الهزل كالجد لئلا يتلاعب الناس بذلك.
وقوله:"وفي رواية لابن عدي: الطلاق والعتاق والنكاح"، أما الطلاق والنكاح فسبق وجهه، وأما العتاق فلتشوف الشارع إلى العتق؛ ولهذا يحصل العتق بأمور لا يحصل بها غيره قد يحصل العتق كرها على الإنسان مثل العتق للسرايه، لو أعتق الإنسان نصف عبده أعتق كله، ولو عتق شريكًا له في العبد يملك من العبد مثلًا واحدًا من عشرة فأعتق نصيبه عتق العبد كله وألزم بقيمة نصيب شركائه. إذن نزيد أمرا رابعًا على ما سبق وهو العتق.
١٠٣٧ - وللحارث بن أبي أسامة: من حديث عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه رفعه: "لا يجوز اللعب في ثلاثٍ: الطَّلاق، والنكاح، والعتاق، فمن قالهنَّ فقد وجبن". وسنده ضعيفٌ.
قوله:"رفعه" يعني: إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يجوز ... الخ" وهذا الحديث يوافق الرواية الأخرى لابن عدي وأسقط في هذين الحديثين ذكر الرجعة "فمن قالهن فقد وجبن" يعني: من قالهن على سيل الجدَّ أو على سبيل الهزل فقد لزمن وثبتن.
[مسألة: هل يقع الطلاق بحديث النفس أو الوسوسة؟]
١٠٣٨ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله تجاوز عن أمَّتي ما حدَّثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تكلَّم". متَّفقٌ عليه.
قوله:"عن أمتي" المراد بأمته: أمة الإجابة ولها خصائص كثيرة هذه الأمة لها ولله الحمد