«الفرائض»: جمع فريضة كصحائف جمع صحيفة وهي بمعنى مفروضة، والفرض في الأصل: الحز حز الشيء يعني: لو حزرت لحمة بالسكين فتكون قد فرضتها، والمراد بالفرض في أصول الفقه: ما وجب فعله، والمراد بالفرض هنا: النصيب المقدر شرعا لوارث، فقولنا: النصيب المقدر خرج به التعصيب لأنه غير مقدر، إذ إن العاصب ربما يرث المال كله، وربما يرث نصف المال، وربما لا يرث شيئا، وخرج بقولنا:«لوارث» النصيب المقدر في الزكاة فإنه مقدر لكن ليس لورثة، ولكن لأهل الزكاة وخرج به أيضا الوصية، فإن الإنسان قد يُوصي بربع ماله، أو خمس ماله لشخص فهل تسمى هذا فريضة؟ لا، لأننا نقول: مُقدّر شرعا لوارث {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ}[التوبة: ٦٠]. فربع العشر في المال الذهب أو الفضة نصيب مقدر شرعا لأهل الزكاة، لكن لا يُسمّى فريضة في الاصطلاح، فالفريضة في الاصطلاح: كل نصيب مقدر شرعا لوارث، والورثة وأصحاب الفروض محصورون وأصحاب التعصيب غير محصورين فقد يكون العصبة مئات أو آلاف لكن أصحاب الفروض عشرة فقط لا يزيدون.
[أصحاب الفروض]
٩٠٥ - عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «الحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر». متفق عليه.
«ألحقوا الفرائض» أي: أعطوها أهلها؛ لأن الله فرضها لهم وقال:{آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ}[النساء: ١١]. وقال في الآية الثانية:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ}[النساء: ١٢]. وقال في الآية الثالثة:{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا}[النساء: ١٧٦]. إذن ما خالف هذا البيان فهو ضلال فيجب علينا أن تُلحق الفرائض بأهلها للأدلة الثلاثة المذكورة وهي ثلاث آيات من سورة النساء.
وقوله:«بأهلها»، أي: بأصحابها وهم عشرة: الزوجان اثنان، والأبوان أربعة، والبنات، وبنات الابن، والأخوات الشقيقات، والأخوات لأب، والأخوات لأم، والجدات، هؤلاء هم أصحاب الفروض فنعطي كل ذي فرض فرضه، ثم إن بقي فيقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «هو لأولى رجل ذكر» أي: لأقرب، وليس المعنى لأحق، لأنه لو اجتمع عندنا عم غني جداً وابن عم فقير جداً فلمن؟ فللعم لأن أولى، بمعنى: أقرب، لو فسرناها بمعنى أحق لكان لابن العم الفقير، فهي بمعنى: أقرب.