كيف أنت، أرأيت الرجل العادي الذي يمر بك يكفي أن تقول: السلام عليك، ويقول: عليك السلام، لكن إذا كان من أصدقائك أو من أقاربك ما يكفي السلام عليك، وهو يقول: عليكم السلام، ولذلك لو أنك سلمت عليه ورد عليك وسكت لقلت إن الرجل في قلبه شيء، فهذه أيضًا مسألة يتفطن لها وإلا فالأصل أن السلام يزول به الهجر.
قوله:"فيعرض هذا ويعرض هذا" شرط أنه لابد من الإعراض أو أن المراد بالإعراض: ترك السلام؟ الظاهر - والله أعلم - الثاني، لكن الإعراض زيادة على ترك السلام، إذا لاقاه صد عنه؛ لأن الغالب أن المقابلة تفرض على الإنسان أن يسلم؛ لأنه يخجل أن يقابله وجهًا بوجه ولا يسلم عليه، لكن الإعراض دليل على الهجر.
[كل معروف صدقة]
١٤٠٣ - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل معروفٍ صدقة». أخرجه البخاري.
هذه من الكلمات الجامعة:"كل معروف فهو صدقة"، إن قابلت صاحبك بوجه طلقٍ فهو صدقة؛ لأنه معروف، كل يثني على ذلك إن أعطيته شيئًا ولو قليلاً فهو معروف، إن عفوت عنه فهو معروف، إن أنفقت على أهلك، إن أعرت صاحبك فهو معروف؛ إذن كل معروف فإنه صدقة، وكل منكر فإنه ليس بصدقة؛ لأنه منكر ويجب إنكاره.
الغرض من هذا الحديث: هو أن النبي صلى لله عليه وسلم أراد من أمته أن يتعاملون بالمعروف، وكل معروف فإنه صدقة.
١٤٠٤ - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ».
"لا تحقرن من المعروف" يعني: لا تستصغروه وتستهن به، وقوله:"شيئًا" نكرة في سياق النهي فيعم كل شيء، ثم قال مبينًا أقل شيء في ذلك:"أن تلقى أخاك بوجه طلق"، ومن أخوك؟
المسلم.
ففي هذا الحديث فوائد: أولاً: ألا يحقر الإنسان من المعروف شيئًا، حتى لو أعطيت أخاك قلمًا يكتب به؛ لأنه ليس معه قلم فهذا من المعروف لا تحقرنه، حتى لو أمسكت بيده حينما رأيته يقع في الحفرة أو يصطدم بحجر فهذا من المعروف، لا تحقر شيئًا، حتى لو أعطيته