للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم قراءة الفاتحة]

٢٦٨ - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن". متفق عليه.

-وفي رواية لابن حبان والدارقطني: "لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب".

-وفي أخرى لأحمد، وأبي داود، والترمذي، وابن حبان: "لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".

هذه الاحاديث في بيان حكم قراءة الفاتحة:

الأول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن يقرأ بأم القرآن" "لا صلاة" هذا نفي للجنس، وهو أعلى أنواع النفي، لأنه نص فيه، ونص في العموم أيضًا، و"صلاة" هنا عامة تشمل كل ما يسمى صلاة، فيدخل في ذلك الفريضة والنافلة وصلاة الجنازة، ولا يدخل في ذلك الطواف، وإن كان قد أثر عن ابن عباس أنه قال: "الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام"، فإن هذا فيما أعلم بالإجماع لا يدخل فيه الطواف.

بقي: هل يدخل فيه سجود التلاوة، سجود الشكر؟ الجواب: لا يدخل، لأهن هذين ليس فيهما قيام، وقراءة القرآن من أذكار القيام.

وقوله: "لا صلاة" كما قلت لكم نفي عام، "لمن لم يقرأ بأم القرآن" أم القرآن: الفاتحة، وسميت بذلك، لأن جميع معاني القرآن ترجع عليها، ففيها التوحيد بأنواعه، وفيها قصص الأنبياء، وفيها أقسام الناس، وفيها الإيمان باليوم الآخر، هي أم القرآن في الحقيقة، وقد أحلتكم فيما سبق على "مدارج السالكين" لابن القيم رحمه الله.

وفي رواية لابن حبان: "لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب".

أتى المؤلف بهذه الرواية؛ لأنها صريحة في عدم الإجزاء "لا تجزئ"، وإن كنا في الحقيقة لا نحتاج إليها، لماذا؟ لأنه قال: "لا صلاة"، والنفي في الأصل يكون لنفي الوجود، فإن وجد ولم يصح أن يكون نفيا للوجود صار نفيًا للصحة ولابد، لأن من ليس بصحيح فوجوده كعدمه شرعًا، فإن لم يمكن أن ينزل على نفي الصحة صار نفيًا للكمال.

هنا لا مانع من أن نقول: إنه لنفي الصحة؛ لأننا لا نعلم أن صلاة صحت بدون قراءة الفاتحة، وحينئذ يتعين أن يكون النفي لنفي الصحة، لكن ابن حجر رحمه الله أتى بما هو صريح

<<  <  ج: ص:  >  >>