[ينبغي للمؤمن أن يسأل العلم النافع]
١٤٩٩ - وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم انفعني بم علمتني وعلمني بما ينفعني, وارزقني علماً ينفعني». رواه النسائي والحاكم.
١٥٠٠ - وللترمذي: من حديث أبي هريرة نحوه, وقال في آخره: «وزدني علماً, والحمد لله على كل حال, وأعوذ بالله من حال أهل النار». وإسناده حسن.
هذا الحديث في سؤال العلم, والمراد به: العلم النافع, ولهذا قال: «اللهم انفعني بما علمتني وارزقني علماً ينفعني» , فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث مسائل: الأولى: "انفعني بما علمتني" وذلك أن الإنسان قد يعلم ولا ينتفع, فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن ينفعه بما علمه, أيضًا: "علمني ما ينفعني" وهذا سؤال للاستزادة من العلم, لكن الذي ينفع قال: "وارزقني علماً ينفعني" هذا المستقبل؛ لأن الماضي سبق سؤاله: "اللهم انفعني بما علمتني", والحاضر: "علمني ما ينفعني", والمستقبل: "ارزقني علماً ينفعني".
وخلاصة هذا الدعاء: أن الإنسان محتاج إلى العلم, ومحتاج إلى الانتفاع بالعلم, فإن لم يعلم فهو جاهل, وإن لم ينتفع فهو مستكبر, فهو فضيلة الدعاء بهذا.
وأما رواية الترمذي ففيها أيضًا زيادة قال: «وزدني علماً» يعني: علماً فوق علمي؛ لأن كل إنسان محتاج إلى زيادة العلم: {وفوق كل ذي علم عليم} [يوسف: ٧٦].
فإن قال قائل: هل يوصف الرسول بالجهل؟
نقول: قال الله تعالى -وهو أعلم به-: {ووجدك ضالاً فهدى} [الضحى: ٧]. وقال: {وعلمك ما لم تكن تعلم}. وقال: {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا} [الشورى: ٥٢]. وهذا من أعظم فضل الله عليه, أنه كان عليه الصلاة والسلام أمياً لا يقرأ ولا يكتب, وليس عنده شيء من علم الكتاب: {وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} [العنكبوت: ٤٨]. لكن الله علمه علماً ينتفع به الأمم إلى يوم القيامة: {هو الذي بعث في الأمين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا} يعني: وإنهم كانوا من قبل {من قبل لفي ضلالٍ مبين} [الجمعة: ٢]. الحمد لله على كل حال وهذه كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بها إذا وجد ما يسوؤه.