هاج الفحل، يعني: فحل الإبل إذا رددته عن الناقة فيا ويلك عن قريب أو بعيد، حتى إنه حكى لنا بعض الناس أن رجلاً كان في جمع من الإبل وإذا بجمل ينظر إلى هذا الرجل ويكرر النظر، ثم أقبل إليه في غضب شديد وضربه برقبته حتى سقط على الأرض ثم برك عليه، ولولا أن الله -سبحانه وتعالى- أتى بالناس ضربوا الجمل حتى أوجعوه لأهلكه، فقالوا له: ما الذي حمله على هذا؟ قال: إني قد رددته منذ كم سنة عن ناقة أراد أن ينزو عليها فهو عنده حقد عظيم، فالذي يكون بين العبد وسيده قد يغلب على الظن على الظن صدق المدعي فإنه تُجرى فيه القسامة.
المسألة السابعة: إذا قام شخص وقال: أنا الذي قتلت القتيل فهل يرتفع الحكم عن المدعى عليه، والذي ثبت أنه القاتل بأيمان المدعين؟ الجواب: نعم، يرتفع الحكم بالنسبة للأول، وقيل: لا يرتفع إلا برضا المدعين؛ لأن المدعين ثبت حقهم بأيمانهم أن هذا هو الذي قتل صاحبهم فلا يرتفع هذا الحق إلا برضاهم، ولكن الصحيح: أنه يقبل إقرار هذا الذي قال: إنه القاتل؛ لن حكمنا بأن المدعى عليهم قاتلون لعدم البينة، أما إذا وجدت البينة وقال: أنا القاتل فإنه يتعلق الحكم بهذا المقر وهذا لا إشكال فيه، فيما إذا كان ذلك قبل تنفيذ القتل، لكن الإشكال إذا كان بعد تنفيذ القتل فهل نقتل هذا الذي اقر أن يدفع الدية لأولياء المقتول المدعى عليه لأنه هو القاتل ويرتفع القتل عنه بإقراره وأما أولياء المقتول الأول فقد أخذوا حقهم بقتل المدعى عليه ولا يمكن أن نقتل هذا المقر لأننا قلنا: لا يمكن أن نقتل نفسين بنفس واحدة ولا يمكن أن نقتله بالقتيل المدعى عليه لأنه هو لم يكن سببًا في قتله ليس شاهدًا ولا مساعدًا وليس هناك شيء يوجب أن يُقتل به.
* * * *
[٣ - باب قتال أهل البغي]
[تعريف البغي، وبيان أهل البغي بالتفصيل]
"البغي" هو: التجاوز والعدوان، وأهل البغي عرفهم الفقهاء بأنهم: قوم لهم شوكة ومنعة يخرجون على الإمام بتأويل سائغ؛ ومعناه: أنهم أقوياء بالسلاح وبالكثرة، يخرجون على الإمام لا على غيره، بتأويل سائغ لا بدون تأويل، ولا بتأويل غير سائغ، قالوا: فإن اختل شرط واحد من ذلك فإنهم يسمون خوارج، فإذا لم يكن لهم شوكة ومنعة فهم خوارج، وإذا خرجوا على