للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أنها لا تُجرى في الأموال قالوا وإنما أُجريت في الدماء حقنًا للدماء وحماية لها ولئلا يجترئ مجترئ على القتل ويذهب دم المقتول هدرًا إذا لم يكن بينة والراجح والله أعلم أنها لا تجرى في الأموال أن يقال من ادعى إتلاف ماله عند أعداءً له أقم البينة وإلا فلا لكن في هذه الحال يجب على القاضي أن يتحرى؛ لأن صدق المدعي قريب فيجب عليه أن يتحرى أكثر مما وقع هذا الإتلاف من غير عدو.

المسألة الثالثة: إذا أجرينا القسامة سواء في النفس أو في المال أو في الطرف فهل تكرر فيما الأيمان أو لا؟ نقول تكرر فيها الأيمان وذلك لأجل أن يقوى جانب المدعي فإن الأصل أن المدعي يلزمه البينة فإذا أخذنا بيمينه قلنا: تكرر اليمين من أجل أن يقوى جانبك كما أنها إذا كانت في الدماء من أجل تعظيم الدماء.

المسألة الرابعة: إذا كان الورثة -ورثة القتيل- كلهم نساء فهل تجرى القسامة؟

يقول العلماء: لا تُجرى؛ لأم الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "يحلفون خمسين يمينًا"، وفي بعض الألفاظ: "يحلف خمسين يمينًا رجلُ منكم" والنساء ليس لهن أيمان في القسامة لكن يوجد قول لبعض العلماء: أن النساء يحلفن، لا سيما إذا لم يوجد رجال فإن لهن الحلف.

المسألة الخامسة: هل يشترط تعيين المدعى عليه، أو يجوز أن يدعي على جماعة؟ الجمهور على أنها لابد أن تكون على واحد بعينه، أو يجوز أن يدعي على جماعة؟ الجمهور على أنها لابد أن تكون على واحد بعينه؛ لقوله في بعض ألفاظ الحديث: "يحلف خمسون رجلاً منكم على رجل منهم"، ولأن القتيل واحد فلا نقتل به أكثر إلا ببينة، ومجرد دعوى المدعين نقول: نعم لكم الحق بأن تقتلوا بدعواكم واحدًا، أما أن تدعوا على جماعة فإننا لا نقبل هذا ولا قسامة؛ إما أن تأتوا ببينة أو يقر هؤلاء وإلا فلا حق لكم، وهذا أقرب إلى الصواب، وقيل: إنه يجوز أن يدعي أهل القتيل على جماعة لكن يعينونه، وقيل: يجوز أن يدَّعوا على القبيلة كلها ويختارون منهم خمسين رجلاً يحلفون إذا أنكرت القبيلة.

وهذه المسائل سبب الخلاف فيها: أن القضية وقعت مرة واحدة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم واختلف فيها الروايات ثم اختلفت فيها أوجه النظر بين العلماء؛ هل المسألة خارجة عن القياس فلا يقاس عليها أو موافقة للقياس فيقاس عليها، وهل يقاس الجزء على الكل، وهل يقال المال على الدم وهلم جرًّا.

المسألة السادسة: هل نقول: كل ما يغلب على الظن يُجرى مجرى العداوة، مثل: أن يكون رجل قد تهدد رجلاً بالقتل، أو مثل ما يكون بين السيد وعبده من المنازعات والمخاصمات، وتعرفون أن العبيد في الغالب سريعو الغضب ربما يغضب على سيده ثم يكون قويًّا فيأخذه ويطرحه على الأرض، ولهذا يقولون: احذر العبد إذا صاج، والفحل إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>