للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا صلاته لا تصح؛ لأن هذا الفسق يخل بالصلاة، وكذلك لو أن الإنسان كان مسبلًا لثوبه، وإسبال الثوب محرم ومن كبائر الذنوب، وعند كثير من أهل العلم أن المسبل لا تصح صلاته؛ لأن ثوبه محرم، وبناء علي ذلك لو صلى بنا الإمام مسبلًا فالصلاة لا تصح؛ لأننا صلينا خلف إمام أتي بما يخل بالصلاة فتكون صلاة الإمام باطلة، وكذلك المأموم صلاته باطلة، أما من كان فسقه لا يتعلق بالصلاة كالغش والنميمة والغيبة وما أشبه ذلك فالصواب أن إمامته تصح.

[تسوية الصفوف والمقاربة بينها]

٣٩٣ - وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق". رواه أبو داود، والنسائي، وصححه ابن حبان.

قال صلى الله عليه وسلم: "رصوا صفوفكم"، يعني: في الصف، والرص معناه انضمام بعضهم إلي بعض وليس المراد بالرص أن يحمل الإنسان نفسه علي الآخر بحيث يضيق عليه فإن خارج عن الأمر الذي أراده الرسول صلى الله عليه وسلم، بدليل الأحاديث الأخرى؛ ولأن هذا الرص يشغل المصلي أكثر مما يوجب له من الخشوع.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "رصوا صفوفكم" يشمل الأول والثاني والثالث، كلها ترص، وقوله: "قاربوا بينها" يعني: بين الصف والصف؛ أي: لا تبعدوا، بل "قاربوا بينها"، وهذا يشمل حتى مقاربة الإمام مع الصف الأول؛ لأن الذين خلفه صفوف كلهم، ولهذا قال الفقهاء- رحمهم الله- يسن تقارب الصفوف بعضها إلي بعض وقرب الإمام منها. الآن نجد في بعض الجهات الصفوف قد لا تكون متقاربة، وفي بعضها تكون الصفوف متقاربة لكن يكون الإمام بعيدًا عنهم وهذا خلاف السنة، السنة: أن يدنو من الصف الأول وكل صف يدنو من الآخر، "وحاذوا"، ما معني المحاذاة؟ هي المساواة، "حاذوا بالأعناق"، يعني: تكون أعناقكم متحاذية، والأعناق: هي الرقاب، ويلزم من تساوي الأعناق تساوي بقية الجسم؛ لأن العنق علي مستوي الجسم تمامًا، هذه كلها كما رأيتم أوامر.

يستفاد منها فوائد أولًا: مشروعية المراصة لقوله: "رصوا صفوفكم" وهل هذه المشروعية مشروعية وجوب أو مشروعية استحباب؟ جمهور العلماء علي أنها مشروعية استحباب ولكن ظاهر النص أنها مشروعية وجوب وذلك؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الشياطين تدخل من بين المصلين كالحذف، يعني: أولاد الضأن الصغار، ومعلوم أن فتح المجال للشياطين لتدخل بين المصلين أمر يقتضي تسلط الشياطين عليهم، حتى تفسد عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>