للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - باب عشرة النساء]

«العشرة» معناها: المعاشرة، وهي المعاملة بين الشخصين يكون بينهما صلة فيعاشر أحدهما الآخر، وهي أن المعاشرة بين الزوجين مرجعها إلى العرف، لقوله تعالى: {عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩]. ولقوله: {وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨]. فالمعاشرة هي المعاملة مع كل اثنين بينهما ارتباط كالأصحاب والأزواج، والمعاشرة بالمعروف أمر واجب أمر الله به فقال: {عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] والحكمة تقتضيه؛ لأن المعاشرة بالمعروف توجب الألفة ودوام الارتباط بين المتعاشرين، أما إذا نبى كل واحد منهما عن المعاشرة بالمعروف فإن الأمر سيكون خطيراً، وسوف تحدث الفرقة لا محالة إلا أن يريد الله عز وجل الإصلاح بينهما، من المعاشرة بالمعروف أن يستمتع الرجل بزوجته حيث أمره الله، وذلك أن يأتيها في قلبها في غير الحيض والعبادة الواجبة مثل: الصيام والإحرام.

[حكم إتيان المرأة في دبرها]

٩٧١ - عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «ملعون من أتى امرأة في دبرها». رواه أبو داود، والنسائي واللفظ له، ورجاله ثقات، ولكن أعل بالإرسال. كيف نعرب «ملعون»؟ خبر مقدم، وذلك لأنه إذا كان المقدم وصفاً فإنه يكون خبراً إن طابق في الإفراد ولم يعتمد على استفهام ونحوه، هذه قاعدة في النحو، فإن قوله: «ملعون من أتى»، مثل: «قائم زيد»، «قائم» خبر مقدم، وزيد مبتدأ مؤخر، أما إن اعتمد على استفهام أو نحوه فإنه يكون مبتدأ وما بعده فاعل مثل أن تقول: «أقائم زيد؟ » فقائم مبتدأ وزيد فاعل أغنى عن الخبر، ويجوز أن تعربه مبتدأ وخبر كما سبق أولاً، أما إذا كان هذا الوصف وما بعده مختلفين، مثل أن يكون الوصف مفرداً وما بعده مثنى أو جمعاً فإنه يتعين أن يكون الوصف مبتدأ وما بعده فاعل سد مسد الخبر، مثل أن تقول: «قائم الزيدان»، فهنا نقول: «قائم» مبتدأ و «الزيدان» فاعل، ولا يمكن أن تقول: قائم خبر مقدم، لأنه يشترط في الخبر أن يكون مطابقاً للمبتدأ وهنا لا مطابقة. إذن «ملعون» خبر مقدم، و «من أتى» «من» مبتدأ مؤخر، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وأول من لعن -فيما نعلم- إبليس حيث قال الله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} [ص: ٧٨]، {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ} [الحجر: ٣٥]. {لَعْنَتِي} يعني نفسه عز وجل، اللعنة إما أن تقول: اللام للعموم، يعني: اللعنة مني ومن غيري، أو أن اللعنة مني وتكون «أل» هنا للعهد الذهبي. وقوله: «امرأة» هنا نكرة في سياق الإثبات فهي مطلق وليست عاماً؛ لأن النكرة لا تكون

<<  <  ج: ص:  >  >>