فصل دون فصل، فإذا مرت به الفصول الأربعة ولم يقو على الجماع دل ذلك على أن فيه آفة وعيباً فلهذا أجله عمر سنة هلالية وليست شمسية، لأن المعتبر في الشرع الأهلة، قال الله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِ}[البقرة: ١٨٩]. وقال بعض الفقهاء: يؤجل سنة شمسية؛ لأنه لا تكمل الفصول إلا باعتبار السنة الشمسية، الفصول الأربعة تدور على الشمس وليس على القمر، فإذا كان العلة أن تمر به الفصول فقال: لابد أن تكون السنة الشمسية فإذا كانت هلالية نقص الفصل الرابع عشرة أيام، على كل حال: الخلف سهل، ولكن العنة تحدث أو متى ثبت وطؤه مرة واحدة فلا عنة؟ قال بعض العلماء: متى ثبت أنه وطأ هذه المرأة مرة واحدة فلا عنة، لكن القول هذا ضعيف، والصواب أن العنة ربما تحدث ولكن إذا حدثت فإما أن نعلم عدم رجوع القدرة على الوطء، وإما أن نؤمل الرجوع، مثال ذلك: رجل أصيب بحادث وكان قادراً على الجماع قبل الحادث، ولما أصيب بالحادث صار لا يستطيع الجماع، هنا حدثت العنة، فنقول: على القول الراجح لها أن تفسخ، فإن قال الأطباء: إن العجز عن الوطء الآن يمكن أن يزول ويقدر فيما بعد سنة مثلاً، فإن هذه العنة لا توجب الفسخ لأنه ينتظر زوالها. مسألة: هل العقم عيب أو ليس بعيب؟ هذا أيضا مما اختلف فيه العلماء؛ فقال بعض العلماء: إن العقم عيب، يعني: إذا كان الزوج لا يولد له أو كانت الزوجة لا تلد، فإن هذا عيب يوجب الفسخ، وقال بعضهم: العقم ليس بعيب، ولكن إن اشترط الولادة صار العقم فوات صفة مشروطة، والأخير هو المذهب والأول هو الصحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدل لهذا القول بأن من أعظم مقاصد النكاح الولادة؛ ولهذا تجد الزوج أو الزوجة يذهبان كل مذهب من أجل الدواء لحصول الولد؛ ولأن العلماء -رحمهم الله- قالوا: إنه يحرم العزل عن المرأة بدون إذنها؛ لماذا؟ لأن لها حقاً في الولادة، والعزل في الغالب يمنع الولادة، فالصواب أن العقم عيب، ولكن لو أراد الإنسان أن يخرج من الخلاف فماذا يصنع؟ يشترط يقول: إن بان أنها عقيمة، أو تقول هي: إن بان أنه عقيم فلي الفسخ، فحينئذ يثبت الفسخ قولاً واحداً، ووجه ذلك: ثبوت الاشتراط أولاً.