للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنها: جعلت على عيني صبرًا بعد أن توفي أبو سلمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه يشب الوجه" يعني: يحسنه ويضيؤه، وأصله من شبت النار إذا لمعت وأضاء لهبها، قال: "فلا تجعليه إلا بالليل وانزعيه بالنهار" الباء هنا بمعنى "في" فهي للظرفية والباء تأتي للظرفية كثيرًا كما في قوله تعالى: {وإنَّكم لتمرون عليهم مُّصبحين (١٣٧) وبالَّليل} [الصافات: ١٣٧، ١٣٨]. أي: وفي الليل، "ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب" يعني: لا تمتشطي بالشيء المطيب أو بالطيب نفسه كالورس؛ لأن النساء يتمشطن بالورس يكتسب الرأس من الورس لونًا ورائحة ولا بالحنَّاء؛ لأن يجمل الرأس، فإنه خضاب، "قلت: بأي شيء أمتشط؟ قال: بالسدر".

[حكم الكحل في الحداد]

١٠٦٩ - وعنها رضي الله عنها: "أنَّ امرأةً قالت: يا رسول الله، إنَّ ابنتي مات عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفتكحلها؟ قال: لا". متَّفقٌ عليه.

وقد سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكحل فهذه الأحاديث الثلاثة تدل على حكم الإحداد وعلى ما يتجنب في الإحداد فلنبدأ أولًا بحديث أم عطية:

ففيه دليل على فوائد: أولًا: تحريم الإحداد فوق ثلاثة أيام على المرأة إلَّا على الزوج فلا تحد على أبيها ولا على أمها ولا على أخيها ولا على أحد من أقاربها أكثر من ثلاثة أيام وهل يلحق بالزوجة وهي أنثى الرجال؟ الجواب: نعم، يلحق بها الرجال، فيجوز للرجل وللمرأة أن تحد على غير الزوج ثلاثة أيام والحكمة من ذلك أن هذا من تيسير الشريعة؛ لأن الإنسان ربما يتألم من المصيبة ألمًا كبيرًا لا ينشرح صدره للزينة والرفاهية يعزب أن يملك نفسه للتزين والتطيب والتجمل فرخص له الشرع بثلاثة أيام لإعطاء النفس حظها وهذا من باب التربية النفسية؛ لأنك إذا أعطيت النفس حظها فهو خير من كتمها إذ إنها إذا كتمت ربما تنفجر؛ ولهذا يحسن بنا إذا رأينا الصبي يبكي أن ندعه يبكي؛ لأنه إذا بكى طابت نفسه، وذهب ما في صدره لكن إذا منعته وزجرته وسكت على إغماص، فإن ذلك يبقى في صدره ضيقًا، إذن يجوز الإحداد في ثلاثة أيام فأقل على كل ميت وهل يجوز أن يتكرر هذا الإحداد؟ لا يجوز؛ لأنه لو تكرر وصار كلما مر أسبوع أو أربعون يومًا أو غيرها أعدناه صار الإحداد فوق ثلاثة أيام.

فإذا قال قائل: ما نوع هذا الإحداد الجائز؟ هل معناه تنكيس الإعلام وما أشبه ذلك مما يفعله بعض الناس؟ الجواب: لا، وإنما الإحداد يتعلق بنفس الشخص، يعني: لا يلبس الثياب الجميلة لا يتطيب، لا يخرج للنزهة وما أشبه ذلك، أما أن يكون ذلك شيئًا يعمل منفصلًا عن الرجل فهذا يشبه أن يكون من باب التسخط على قضاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>