فالطحال والكبد, وهذا الحديث وإن كان ضعيفًا مرفوعًا لكنه صحيح موقوفًا؛ لأن قوله:"أحل لنا" في حكم المرفوع, وعلى هذا فالجراد حلال حيه وميتته, وقيل: إن مات بسبب من الآدمي فهو حلال؛ وإن مات بغير سبب فهو حرام؛ لعموم قوله تعالى:{حرمت عليكم الميتة}[المائدة: ٣]. والصحيح الأول أنه حلال سواء مات بسبب من الإنسان أو مات بغير سبب لعموم حديث عبد الله بن عمر؛ ولأنه ليس فيه دم, وإذا لم يكن فيه دم فإنه لا يكون خبيثًا بالموت فيحل, والمحرم بالموت هو الذي فيه دم؛ لأنه يكون خبيثًا باحتقان الدم فيه, وأما ما لا دم فيه فهو حلال. فإن قال قائل: أرأيتم لو مات بمبيدات هل يحل؟ يأخذ حكم المباح أن كل مباح ترتب عليه ضرر فهو حرام؛ لأننا نقول: المباح هو مباح في أصله, لكن قد تجري فيه الأحكام الخمسة.
[حكم أكل الأرنب]
١٢٧٢ - وعن أنس رضي الله عنه في قصة الأرنب قال:"فذبحها, فبعث بوركها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله". متفق عليه. الأرنب معروف, وهذه القصة: أنهم أمسكوا أرنبا في مر الظهران فهربت منهم فلحقها القوم فتعبوا إلا أنس بن مالك رضي الله عنه أدركها ثم ذبحها وجاء بوركها إلى النبي صلى الله عليه وسلم, الورك كم بالكيلو؟ صغير جدا جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله, وفي رواية:"وأكله", وهذه الرواية كالتبيين فقط, وإلا فإنه لم يقبله إلا ليأكله ما قبله ليرمي به. فيستفاد من هذا الحديث فوائد: أولاً: جواز تهييج الأرنب من جحرها من أجل اصطيادها؛ لأنها مما خلق لنا, فإذا كانت مما خلق لنا فأي وسيلة نسلكها للحصول على ما أحل الله لنا فهي جائزة, نعم لو كانت ذات عيال ربما يقول قائل: إنه لا يمكن أن تصاد وحدها حتى يصاد معها أولادها لئلا يتعذب الأولاد بفقد الأم. ومن فوائد الحديث: قوة الصحابة - رضي الله عنهم - وشدتهم؛ لأنهم لحقوها, وأين الواحد منكم يلحق الأرنب؟ لا أحد, ومن وجه آخر أنهم أمسكوها, ومعروف أنها إذا أمسكت لا تسكت لابد من أن تدافع عن نفسها بأظفارها وربما بأسنانها, ولكن لقوتها عرفوا كيف يصيدونها.
ومن فوائد الحديث: تواضع سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وجه التواضع: أن أصحابه أقدموا على أن يقدموا إليه ورك أرنب, وأظن أن لو قدم لكم ورك الأرنب لأكلتموه لكن ترون أن هذا