الأول: لئلا يرى منها ما يكره.
والثاني: لئلا تغلبه نفسه فيجامعها.
[كفارة وطء الحائض]
١٣٧ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما, عن رسول صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال: «يتصدق بدينارٍ, أو بنصف دينارٍ». رواه الخمسة, وصححه الحاكم وابن القطان, ورجح غيرهما وقفه.
هذه المسألة - مسألة وطء الحائض - فوطء الحائض لا شك أنه حرام بنص القرآن, قال الله تعالى: {ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} [البقرة: ٢٢٢]. ومتى يرتفع هذا التحريم؟ قيل: إنه يرتفع بانقطاع الدم, وقيل: إنه يرتفع بالاغتسال, فالذين قالوا إنه يرتفع بانقطاع الدم, قالوا: إن الله قال: {ولا تقربوهن حتى يطهرن} والطهر: هو انقطاع الحيض, وقوله: {فإذا تطهرن} أي: من الحيض, والمراد بذلك: أن تغسل محل الدم والفرج فتحل بعد ذلك, وليس المراد: الاغتسال, وأن المرأة إذا طهرت من الحيض وغسلت الفرج وما أصاب الدم فإنه يجوز للزوج أن يجامعها, وهذا رأي ابن حزم رحمه الله, ولكنه ضعيف.
والصواب: أن المراد بالتطهر: الاغتسال لقول الله تعالى: {وإن كنتم جنبًا فاطهروا} [المائدة: ٦]. فسمى الاغتسال تطهرًا, وهذا أحوط وأبرأ للذمة, ولعله أصح للمرأة؛ لأن المرأة بعد الاغتسال سوف يكون لها نشاط وتعود عليها قوتها وتكون متهيئة للجماع.
ولكن إذا فعل الإنسان فجامع في الحيض فهو آثم بلا شك, إلا أن يكون جاهلًا فالجهل عذر, لكن إذا كان عالمًا فهو آثم, ثم هل يلزمه مع التوبة إلى الله أن يتصدق بشيء؟ في هذا خلاف بين العلماء:
فمنهم من قال: لا شيء عليه, عليه أن يتوب فقط, ولا يلزمه أكثر من ذلك, والأصل براءة الذمة, فلا تلزم المسلمين بشيء إلا بيقين؛ لأنك إذا ألزمته شيئًا فقد استبحت بعض ماله بقدر ما تلزمه, ومن الذي أحل لك ماله حتى يخرجه من ملكه إلى الفقير, والأصل احترام الأموال ولا نلزم الناس يبذلها إلا بدليل, فصار عندنا أصلان: