أساسات الجدران، الحصى المدفون في الأرض، أو ما يسمى عندنا بالقواعد، هذه يغتفر فيها الجهالة لأن الناس لا يعدون ذلك غررًا، ولأن إلزام الإنسان بأن يحفر ذلك فيه مفسدة أكثر، لو أن واحدًا باع عليك فلَّة نقول: البيع هذا غرر، لماذا؟ قال: لم أر القواعد، ماذا تريد؟ قال: أحفر حتى أرى القواعد، هذا معناه: تكسر البناء، إذن هذا مما لا يعده الناس غررًا ولا يلتفتون إليه، نعم لو فرض أن هذه العمارة حول أرض قد تنهار فهذا ربما يطابق، يعني: حولها مثلًا مياه جارية ويخشى أن تنهار، فقد يقال: إنه لا بد من الاطلاع على المدفون، وأما العادي فهو عادي.
بيع الفجل والبصل وشبهه هل يجوز؟ قال بعض العلماء: لا يجوز؛ لأن المقصود منه مستتر في الأرض، والمستتر مجهول، وهذا هو المشهور من المذهب، وإذا كان مجهولًا فهو غرر فلا يصح بيعه، بيع أوراقه الظاهرة يجوز، لكن الكلام على بيع الثمرة، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله جواز بيعه وقال: إن هذا مما يعرفه أهل الخبرة يعرفون المندفن بما ظهر؛ أي: بأوراقه وقوتها، وما زال الناس يتبايعون هذا من غير نكير، وعليه فإذا كان في حياض من البصل وجاء صاحبها ليبيعها المذهب لا تباع حتى تنبش وترى، والقول الثاني: تباع وإن لم تنبش لأن هذا معلوم عند أهل الخبرة وليس فيه غرر.
[مسألة: هل يجوز بيع المسك في فأرته؟]
الفأرة: وعاء المسك، نقول: إن هذا ليس فيه غرر عند الناس؛ لأن الناس يعرفون ذلك لكنه لا يباع إلا على صاحب خبرة يعرف ذلك، فالمهم أن هذه المسائل منها ما هو متفق على جوازه كأساسات الحيطان، ومنها ما هو مختلف فيه كالبصل والفجل وشبهه، ومنها ما هو متفق على منعه كالأمثلة التي سبقت لنا.
[بيع الجهالة]
٧٦٥ - وعنه رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اشترى طعامًا فلا يبعه حتَّى يكتاله". رواه مسلمٌ.
الجملة هنا شرطية، أداة الشرط فيها "من"، وجواب الشرط "فلا يبعه"، واقترن الجواب بالفاء؛ لأن الجملة طلبية، وإذا كانت الجملة طلبية وجب اقترانها بالفاء كما قال الناظم:
اسميَّةٌ طلبيَّةٌ وبجامد ... وبما وقد وبلن وبالتَّنفيس