للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "حتى يكتاله" هذا إذا بيع كيلًا، أما إذا بيع جزاقًا فيباع وإن لم يكتل لأنه لا حاجة لاكتياله.

الطعام ما هو؟ الطعام: كل ما يؤكل، ولكن قوله: "حتى يكتاله" يدل على أن المراد به: الطعام الذي يجري فيه الكيل البرّ والشعير والتمر والزبيب والأقط والرز والذُّرة وما أشبه ذلك، المهم الذي يؤكل ويكال إذا اشتريته فلا تبعه حتى تكتاله، مثال ذلك اشتريت من صاحب المزرعة هذه الكومة من الحبّ كل صاع بدرهم فجاءني شخص وقال: بع عليّ هذا البرّ الذي اشتريته من فلان، هل يجوز؟ لا، حتى أكتاله أولًا ثم أبيعه بعته عليه، فإذا قال: بعه عليّ وأكتاله أنا بالوكالة عنك؛ نقول: لا يصح، ولا يمكن أن أبيعه، أوكِّلك في قبضه لا بأس، اذهب واكتله نيابة عني، ثم إذا اكتلته وتمّ اكتياله [سلمه لي] وأبيع عليك، ما الحكمة من عدم البيع؟ للجهالة، لأنه لا يتحقق الغابن إلا بالاكتيال قد ينقص وقد يزيد، والعادة أن هذه الحبوب كلما مضى عليها وقت تنقص إلا إذا كان الجوّ فيه ندى هذه ربما تزيد وإلا فالأصل أنها كلما مضى عليها وقت يبست، وحينئذٍ إن زادت صار الغبن على المشتري وإن نقصت صار الغبن على البائع، فأنا أكيلها أولًا ثم بعد ذلك أبيعها إن نقصت بعد الكيل كان عليّ وليس على البائع، فلهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها، وهنا نسأل هل يقاس عليه غيره، مثل: أن يبيع شيئًا يوزن فنقول: لا تبعه حتى تزنه؟ الجواب: نعم، نقول: إذا باع الإنسان شيئًا يوزن فلا يبعه حتى يزنه؛ لأن العلة واحدة وهي احتمال الزيادة والنقص، ولأن متعلقات البيع الأول لم تتم بعد فيبيعه وقد تعلق به شيء من تمام العقد الأول وهو الكيل أو الوزن، هل يقاس على ذلك ما يباع بالعدد؟ مثل أن أقول: بعتك هذا التفاح كل واحدة بكذا وكذا، أو هذا البيض كل واحدة بكذا وكذا وأنا قد اشتريتها من فلان عددًا؟ الجواب: نعم؛ لأن العلة واحدة.

وهل يقاس على ذلك ما بيع بالذرع مثل أن أبيعك هذه الطَّيَّة من الحبال كل متر بكذا وكذا؟ الجواب: نعم؛ لأنه يحتاج إلى ذرع، فإذا قال قائل: ما هي العلة؟ نقول: اختلف في هذا أهل العلم، فابن عباس رضي الله عنهما ذكر أن العلة أنه قد يتخذ حيلة، أو أنه يشبه بيع دراهم بدراهم إذا اشتريته منك أيها البائع وهو عندك لم أكله أو لم أزنه أو لم أعده اشتريته بمائة ثم بعته قبل أن أقبضه على زيد بمائة وعشرين، السلعة ليست بيدي الآن ولا تحت قبضتي وإنما السلعة تحت قبضة البائع، يقول: فكأنه باع دراهم بدراهم، الدراهم التي أعطاها البائع أو التي هي ثابتة في ذمته لم يسلمها بعد وأخذ من المشتري الثاني الجديد دراهم كأنه باع الدراهم التي سلمها للبائع أو التي في ذمته الآن بالدراهم التي أخذها من المشتري الجديد، ولهذا قال: تلك دراهم بدراهم فهي تشبه بيع الدراهم بالدراهم؛ لأن المشتري الأول لم يقبض السلعة ولم يكتلها هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>