فالجواب: أن الزكاة واجبة في المال، والمال لا فرق فيه بين أن يكون لصغير، أو الكبير، أو لعاقل، أو لمجون، ما هو الدليل على أن الزكاة في المال؟ هذه المسألة فيها خلاف، فجمهور أهل العلم على أن الزكاة واجبة في مال اليتيم لعموم الأدلة ولهذا الدليل الخاص؛ ولأن الزكاة منوطة بسبب متى وجد هذا السبب وجبت الزكاة، فهو كضمان الجنايات التي تلزم الصغير إذا جنى، وكوجوب النفقة على الصغير في ماله لمن تجب عليه نفقتهم، فلو كان أخ صغير غني وأخ فقير كبير ولا يرثه إلا هذا الأخ الصغير وجبت على الأخ الصغير النفقة مع أنه ليس بمكلف؛ لأنها واجبة في المال، فهذه هي للزكاة أيضًا، وبهذا نعرف الفرق بين الزكاة والصلاة والصوم؛ لأن هذه الأشياء عبادات دينية تتعلق ببدن المكلف، وأما الزكاة فإنها عبادة مالية تتعلق بمال المكلف.
[الدعاء لمخرج الزكاة]
٥٨١ - وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قومٌ بصدقتهم قال: اللَّهمَّ صلِّ عليهم". متفق عليه.
قوله:"قوم" أي: جماعة، والقوم تطلق على الرجال فقط، وتطلق على القبيلة فتشمل الذكر والأنثى، ففي مثل قوله تعالى:{إنا أرسلنا نوحًا إلى قومه}[نوح: ١]. يشمل الذكر والأنثى، وفي قوله تعالى:{يا أيها الذين ءامنوا لا يسخر قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيرًا منهن}[الحجرات: ١١]. خاص بالرجال، ومن قول الشاعر:[الوافر]
وما أدري ولست إخال أدري ... أقوم آل حصنٍ أم نساء
فجعل النساء مقابل القوم، فيكون المراد بالقوم: الرجال، وهنا "إذا أتاه قوم" الظاهر المراد بهم: الرجال بقرينة الحال، وهي أن الذي يأتي بالصدقات النساء أو الرجال؟ الرجال، "إذا أتاه قوم بصدقة" أي: بزكاتهم، كما مر علينا أن الصدقة تطلق على الزكاة وعلى صدقة التطوع.
قال:"اللهم صلِّ عليهم""اللهم" أي: يا لله، فحذفت "ياء" النداء وعوض عنها الميم تيمُّنا بالبداءة باسم الله، وعوضت عنها الميم للدلالة على المحذوف وصارت ميمًا متأخرة للدلالة على الضم؛ لأن الميم فيها ضم الشفتين، فكأن الداعي جمع قلبه إلى الله وضمه، وقوله:"صل عليهم" الصلاة تطلق على عدة معانٍ، فإذا قلت: صل على فلان؛ أي: ادع له وإذا قلت: "اللهم صلِّ عليه" أي: اللهم أثن عليه في الملأ الأعلى، وهو تفسير أبي العالية رحمه الله وهو أصح من تفسير من فسر الصلاة بالرحمة؛ لأن تفسير الصلاة بالرحمة يبطله قوله تعالى: {أولئك عليهم