يلاحظه عثمان رضي الله عنه، لأن العلم في زمن عثمان انتشر أكثر من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - أحرص منه على ألا يضل الناس في فقه الدين، ومع ذلك كان لا يقصر الصلاة.
فإذن نقول: إن الذين قدموا ذلك مثل مروان بن الحكم قدموا الخطبة على الصلاة أخطأوا وإن كان قصدهم حسنًا، ولا شك أن في مخالفة السُّنَّة فيه إثمًا في هذه الشعيرة؛ لأنك إذا قدمتها والناس كلهم يصلون ليس كلهم علماء يظنون أن الشرع هكذا، فإذا كان هذا الظن سيقع صار إنكاره واجبًا؛ ولهذا أنكر أبو سعيد على مروان حينما قدم الخطبة على الصلاة وهو محل إنكار، لأن الذي يقدم الخطبة على الصلاة مثل الذي يقدم السجود على الركوع وإن كانوا سُّنَّة، لكن ما دام هذا ورد عن الشرع مرتبًا فإنه يعمل به مرتبًا وإن كان التنظير بالنسبة للركوع والسجود، وصلاة العيد وخطبتها ليس من كل وجه، لكن قصدي أن ما ورد مرتبا فإنه ينكر علي من خالف ترتيبه ولا محل للاستحسان مع وجود الشرع.
إذن يستفاد من هذا الحديث: مشروعية الخطبة في العيد، وأنها بعد الصلاة.
[صلاة العيد ركعتان بلا نفل]
٤٦٦ - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما:"أنَّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلم صلَّى يوم العيد ركعتين، لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما". أخرجه السَّبعة.
معلوم هذا لم يصلِّ قبلهما، لأنه بادر بالصلاة، ولا بعدهما؛ لأنه اشتغل بالخطبة.
فيستفاد من هذا الحديث: ألَّا يسن قبل صلاة العيد صلاة ولا بعدها صلاة؛ لأن المشهور أن يؤدي صلاة العيد ثم ينصرف بعد الخطبة، هذا واضح جدًّا من الحديث.
ولكن هل هذا شامل للإمام والمأموم، أو خاص بالإمام فقط؟ قال بعض أهل العلم: إنه خاص بالإمام فقط، لأن الإمام ينتظر ولا ينتظر، وأما المأموم فيشرع له أن يتطوع حتى يأتي الإمام كما يشرع ذلك في صلاة الجمعة، فإن المأموم يتقدم ويصلي إلى أن يحضر الإمام، فكذلك في صلاة العيد؛ لأن المحكيَّ هو عدم صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم فقط، وليس فيه نهي والصلاة مرغَّب فيها، فإذا خرج وقت النهي فليقم المأموم وليتطوع ما شاء ولا حرج عليه في ذلك، لا نقول: إنها راتبة كصلاة الظهر مثلًا، ولكن نقول: إنها نفل جائز للمأموم بل إنه مستحب ولا تقول: إنه مستحب من أجل أنه مصلى عيد، لكن نقول: إنه مستحب، وهذا مذهب الشافعي، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يصلي بعدها في موضعها، وأن الإنسان لا