لئلا يجادل مجادل فيقول:"لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن" أي: لا صلاة كاملة كما ذهب إليه بعض الناس، وسيأتي ذكرها في الفوائد.
قال: وفي أخرى لأحمد وأبي داود والترمذي، وابن حبان:"لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ " هذه بمعنى: كأنكم، وهي مشربة معنى الاستفهام "تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم" أي: نقرأ. قال:"لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها" قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا حين انصرف من صلاة الفجر، وكان الصحابة يقروءن مع النبي صلى الله عليه وسلم الفاتحة وغير الفاتحة، فقال لهم:"لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها". فحكم وعلل؛ فحكم بالنهي عن القراءة خلف الإمام واستثنى الفاتحة، ثم علّل بأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها.
[هذه الروايات فيها فوائد]
أولًا: فضيلة الفاتحة وذلك من وجهين:
الوجه الأول: أن جميع الصلوات لا تصح إلا بها.
الوجه الثاني: أنها هي المصحّحة للصلوات.
ومن الفوائد: أن من لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصلاته باطلة، تؤخذ من النفي، ومن لفظ ابن حبان والدارقطني:"لا تجزئ".
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا فرق بين الإمام والمنفرد والمأموم، وجهه: العموم بدون استثناء، وأما ما ورد من أن "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة"، فهذا حديث مرسل لا يصح لا سندًا ولا حكمًا.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا فرق بين كون الصلاة جهرية أو سرية، وهذه مسألة اختلف فيها العلماء على أربعة أقوال:
الأول: قول من يقول: إن من كان له إمام لم تجب عليه الفاتحة فإنها سنة في حقه، وعلى هذا القول لو أن الإنسان كان مأمومًا ودخل مع الإمام في أول الصلاة وكبر واستفتح، ثم قرأ سورة المزمل ومشى مع الإمام تصح صلاته أو لا؟ تصح؛ لأن قراءة الفاتحة عند هذا سنة وليس بواجب، ولا يخفى ما في هذا القول من البعد.
القول الثاني: أنها تجب على المأموم في السرية والجهرية، واستدل هؤلاء بالعموم "لا صلاة لمن ... " و"من" اسم موصول تفيد العموم؛ أي: لا صلاة لمن لم يقرأ سواء كان مأمومًا أو منفردًا أو إمامًا، وسواء كانت الصلاة سرية أم جهرية، واستدل هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: إلا