٨٥٧ - وعن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وله نفقته». رواه أحمد، والأربعة إلا النسائي، وحسنه الترمذي، ويقال: إن البخاري ضعفه.
هذا أيضًا من الغصب، رجل غصب أرضًا وزرع فيها ثم خرج الزرع ونما، فلمن يكون الزرع؟ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«ليس له من الزرع شيء» أي: لصاحب الزرع الذي زرع في أرض غيره ليس له شيء؛ لأن الأرض ليست له بل مغصوبة، ولكن له نفقته، ما هي نفقته؟ أجرة الحرث وقيمة الحب، أما نماء الزرع فهو لصاحب الأرض؛ لأنه نما من أرضه ومائه، فليس لهذا الغاصب إلا ما أنفق على هذا الزرع فيعطى قيمة الحب وأجرة الحرث:{إن الله فالق الحب والنوى}[الأنعام: ٩٥].
لماذا لا تقولون: إن الزرع له وعليه الأجرة لصاحب الأرض؟ قلنا: قد قال بذلك من قال من أهل العلم، وعلى هذا نقول: الزرع لك وأنفق عليه حتى يخلص ولصاحب الأرض عليك أجرة المثل، أو سهم المثل، ولكن هذا القول يخالف ظاهر الحديث ويؤدي إلى أن يعتدي الناس بعضهم على بعض، فكل من أراد أن يزرع لذهب إلى أرض فلان وفلان وزرع فيها، فإذا طالبه قال: أعطيك أجرة المثل، أو سهم المثل، فإذا قلنا له: ليس لك شيء والنفقة التي أنفقت نعطيك إياها، حينئذ لا أحد يتجرأ؛ لأنه إذا كان لا يأخذ إلا النفقة صار عمله وحبس نفسه على هذا الزرع ذهب هباء، وحينئذ لا أحد يقدم على هذا العمل. هناك قول ثالث: أنه ليس له شيء إطلاقًا؛ أي: لصاحب الزرع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس لعرق ظالم حق»، وهذا القول فيه شيء من الضعف، ولو قيل بأن هذا الزارع يعطي قيمة الزرع فقط؛ لأن الزرع ملكه، وأما الحرث والحبس فليس له شيء؛ لأن الحرث انتفاع بأرض غيره فلا يعطى عنه عوضًا، وأما الحب لما كان ملكه فإننا نعطيه، لو قيل بهذا لكان قولاً جيدًا، ويمكن أن يحمل قوله صلى الله عليه وسلم:«وله نفقته» أي: عوض ما اشترى من الحب، وأما ما عمل في الأرض فالأرض أرض غيره، وهذا القول قول قوي، فصارت الأقوال ثلاثة مع احتمال القول الرابع. وقولنا: أجرة المثل أو سهم المثل الفرق بينهما: أن الأجرة ما لها دخل في الزرع، يعني: لو فرض أن الزرع تلف نسلم الأجرة وإذا قلنا بسهم المثل فإنه يعطي مثلا إذا كانت مثل هذه الأرض تزرع بالنصف يعطى بالنصف قل أو