١١٦٢ - وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:"لمَّا أتى ماعز بن مالكٍ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال له: لعلَّك قبَّلت، أو غمزت، أو نظرت؟ قال: لا يا رسول الله". رواه البخاريُّ.
"لعل" هنا للتوقع؛ يعني: أتوقع أنك فعلت كذا وكذا، "قبَّلت" أي: قبَّلت المرأة فظننت أن التقبيل زنًا، والتقبيل زنًا لا شك، لكنه ليس الزنا الذي يوجب الحد، "أو غمزت" أي: غمزت المرأة بيدك، الثالثة:"أو نظرت"، والنظر زنا العين، فقال ماعز:"لا يا رسول الله"، وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا له من أجل أن يتثبت هل إقراره إقرار عن يقين وعن تعقل، أو إقراره عن معرفة، فلهذا سأله النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأسئلة، وسأله أيضًا أسئلة أخرى فقال له:"أنكتها؟ " قال: نعم، قال:"كما يغيب الميل في المكحلة والرشا في البئر؟ " قال: نعم، ولم يكن هناك حاجة إلى مثل هذه الأشياء، لكن أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنتج من هذا الرجل أنه عاقل وليس به جنون، وبهذا نعلم أن تكرار الأربع مرات ليس بشرط على القول الراجح كما سبق ذكر الخلاف فيه.
يستفاد من هذا الحديث فوائد: أولًا: أنه يجب على الإمام عند التردد أن يتثبت، لا سيما في هذا الأمر العظيم الذي يوجب إزهاق النفس، ويوجب العار على الفاعل، فإن الواجب التثبت، ولهذا لا يقبل في الزنا إلا أربعة رجال شهود، يشهدون على الفعل الصريح، وهم ثقات عدول، فلو شهد أربعون امرأة لم تقبل، بل لا بد من أربعة رجال.
ومن فوائد الحديث: الإشارة إلى أن هذه الأفعال زنًا، ووجه ذلك: أن ماعزًا أتى فقال: إني زنيت، فكأن الرسول قال له: لعلك زنيت زنا تقبيل أو غمز أو نظر.
ومن فوائد الحديث: صراحة الصحابة - رضي الله عنهم - وحبهم لتعزير أنفسهم، ولهذا أصرَّ ماعز رضي الله عنه على هذا الإقرار من أجل تنفيذ الحد عليه.
[طرق ثبوت الزنا]
١١٦٣ - وعن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه:"أنَّه خطب فقال: إنَّ الله بعث محمَّدًا بالحقِّ، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل الله عليه آية الرَّجم. قرأناها ووعيناها وعقلناها، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالنَّاس زمانٌ ان يقول قائلٌ: ما نجد الرَّجم في كتاب الله، على من زنى إذا أحصن من الرِّجال والنِّساء، إذا قامت البيِّنة، أو كان الحبل، أو الاعتراف". متَّفقٌ عليه.
الذي يظهر - والله أعلم - أنها خطبة الجمعة، وأن ذلك كان في خلافته فقال: "إن الله بعث