قلنا: نعم، هو حاكم وهو محقق وهو منفذ، الرسول صلى الله عليه وسلم ليس في عهده من يحقق أولًا ثم ترفع للمحكمة فتحكم ثم تأتي إلى الإمارة فتنفذ ليس موجودا، وعلى هذا فقد اجتمعت الولايات الثلاث في حق النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: بيان أن الأردية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت غالية رفيعة الثمن حملًا لهذا الحديث على أن الرداء يبلغ النصاب، ومن قال: إن النصاب ليس بشرط أستدل بهذا الحديث قال: لأن الرداء في الغالب لا يساوي هذه القيمة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن لدينا قاعدة معلومة للأكثر وهي حمل المتشابه على المحكم، فلدينا نصوص محكمة تدل على أنه لا قطع في أقل من ربع دينار فتحمل هله الأحاديث المشتبهة على هذا الحديث البيِّن الواضح.
١١٩٠ - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: جيء بسارقٍ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: "اقتلوه، فقالوا: إنَّما سرق يا رسول الله، قال: اقطعوه فقطع، ثمَّ جيء به الثَّانية، فقال: اقتلوه، فذكر مثله، ثمَّ جيء به الرَّابعة كذلك، ثمَّ جيء به الخامسة فقال: اقتلوه". أخرجه أبو داود، والنِّسائيُّ، واستنكره.
- وأخرج من حديث الحارث بن حاطبٍ تخوه، وذكر الشَّافعيُّ أنَّ القتل في الخامسة منسوخٌ.
قوله:"استنكره" يعني: قال: إنه منكر، وهو جدير بأن يكون منكرًا؛ لأنه يبعد جدًّا أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بقتله دون أن يتحقق موجب القتل هذا من أبعد ما يكون، ولهذا نعتبر هذا الحديث منكرًا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان كذلك فلا حاجة إلى الكلام عليه ولا إلى بيان فوائده لأن المبني على الباطل باطل.
وقوله:"وأخرج من حديث الحارث ... إلخ"، نقول: لا نفرح حتى يثبت وإذا لم يثبت، فلا حاجة لدعوى النسخ.
[الشبهة أنواعها وشروط انتفائها]
وبهذا انتهي الكلام على حد السرقة، وبقي هناك شروط ذكرها الفقهاء وهي انتفاء الشبهة، ولكن الشبهة على أنواع: شبهة قريبة، وشبهة بعيدة، وشبهة بين ذلك، فأما الشبهة القريبة فنعم ينبغي أن يرفع القطع عن السارق، ومن ذلك عام المجاعة؛ أي: إذا لحق الناس مجاعة عامة