للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استدراك:

ومن فوائل حديث علي: جواز تعجيل الصدقة، دليله: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعمه العباس أن يؤجلها.

ومن فوائده أيضًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المرجع في الأحكام؛ لأن الصحابة كانوا يرجعون إليه فيسألونه كما سأله العباس.

ومنها: أن الأصل أن الزكاة لا تدفع إلا وقت حلولها، ولولا ذلك ما احتاج العباس أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم. قد يقول قائل: إذا جاز التعجيل جاز التأخير. نقول: لا؛ لأن التعجيل فيه فائدة للمستحقين للزكاة أمّا التأخير فهو ضرر على الدافع والمدفوع إليه، فإن المال قد يتلف ويتعلق الشيء بذمة من وجب عليه.

ومنها: جواز التعبير بالرخصة فيما لم يرد فيه المنع لقوله: "فرخص له" لكنه يتوهم المنع؛ لأن الأصل أن الزكاة لا تدفع إلى عند حلولها.

أما حديث جابر فمن فوائده: حكمة الشارع في إيجاب الزكاة، حيث لم يوجب الزكاة في كل قليل وكثير، لأنها لو وجبت في كل قليل وكثير لأرهقت الأغنياء، ولو لم تجب إلا في الأموال الكثيرة الطائلة لضاع حق المستحقين لها، فمن حكمة الشارع أنه قدر أنصبة مناسبة للمال كما ستشاهدون.

[مسألة: اختلاف العلماء في نصاب الفضة]

ومنها: أن نصاب الفضة مقدر بالوزن لقوله: "ليس فيما دون خمس أواق"، وحينئذ نحتاج إلى الجمع بين هذا الحديث وحديث أنس السابق الذي قدر فيه النصاب بالعدد، فهل نعتبر العدد ولو زاد في الوزن أو نقص، أو نعتبر الوزن ولو زاد العدد أو نقص؟ في هذا خلاف بين أهل العلم، فمنهم من اعتبر الوزن احتجاجًا بهذا الحديث؛ لأن الحديث في النهي: "ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة"، فما دون الخمس ولو بلغ مئات الدراهم ليس فيه صدقة، وهذا هو المشهور من ملهب الإمام أحمد، بل هذا الذي عليه جماهير أهل العلم بل حكي فيه الإجماع، على أن المعتبر الوزن في هذا الحديث؛ لأن هذا فيه نفي: "ليس فيما دون خمس أواق صدقة"، ولكن حديث أنس أيضًا نفي فإن فيه: "فإن لم يكن إلا تسعون ومائة. فليس فيها صدفة إلا أن يشاء ربها".

فعلى هذا نقول: إن هذا الحديث مقدم على الحديث الآخر الذي اعتبر فيه العدد، وقال آخرون- وهم قلة، ولكن منهم شيخ الإسلام ابن تيمية-: إن المعتبر العدد وأن مائتي درهم فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>