فإن قال قائل: لماذا لا يجب التعدد كما وجب التعدد في الرجال في البيع والشراء والمداينة مع أنه لا يطلع عليه غالبا إلا الرجال؟
نقول: قد قيل به أي قيل لابد من شهادة امرأتين، قالوا: والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحكم بشهادة هذه المرأة بتًّا بل من باب الاحتياط، ولهدا قال:"كيف وقد قيل" ولم يقل: كيف وقد ثبت أنها اختك، فيكون قبول الرسول صلى الله عليه وسلم لشهادة المرأة الواحدة من باب الاحتياط لا من باب البت لكن المشهور عند الحنابلة ان المرأة تقبل وأن مراد الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:"كيف وقد قيل" التنبيه على أنه لا ينبغي للإنسان أن يتهاون في هذا الأمر بل يثبت أحوط ما يكون ولو ان قد قيل.
ومن فوائد الحديث: شدة امتثال الصحابة الشرعي؛ لان عقبة رضي الله عنه فارقها، وهذا - والحمد لله - واقع حتى في زمننا.
[النهي عن استرضاع الحمقى]
١٠٩٣ - وعن زياد السَّهميِّ رضي الله عنه قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسترضع الحمقى" أخرجه أبو داود وهو مرسلٌ، وليست لزيادٍ صحبةٌ.
يعني: ان نطلب أن ترضع أولادنا والحمقى ناقصة العقل، يقال: فلان أحمق، أي: ناقص العقل، سيئ التصرف، وذلك أن إرضاعها قد يؤثر في الرضيع، لأنه إذا تغذى البدن على شيء، فإنه يتأثر به ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير لأن الإنسان إذا تغذى بهما لاستفاد منهما السبعية ومحبة العدوان فلهذا نهى عن كل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من السباع كذل المرأة الحمقى لا ينبغي أن نسترضعها لأولادنا لأن الرضيع يكسب من أخلاقها.
لكن المؤلف يقول:"مرسل"، وهو ما رفعه التابعي او الصحابي الذي لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمرسل نوعان إما مرفوع تابعي، وهذا نعلم أنه لم يجتمع بالرسول صلى الله عليه وسلم او صحابي، لم يسمع من الرسول صلى الله عليه وسلم مثل رواية محمد بن أبي بكر فإنه صحابي لكنه لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ إنه ولد في حجة الوداع، وكذلك عبد الله بن أبي طلحة فإنه ولد وحنكه الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يبلغ أن يتحمل في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون ما رواه مرسلًا، ولكن هل يقبل المرسل؟ في هذا تفصيل أما مرسل الصحابي فهو مقبول وأما مرسل التابعي فإن علم أنه لا يرسل إلا عن ثقة أو عن صحابي فهو مقبول وغلا فهو متوقف فيه حتى يعلم حال الساقط من السند، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم - إذا صح الحديث - قد نهى عن استرضاع الحمقاء وعيبها امر معنوي فكذلك لا