لكن إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، فخذ من حياتك الآن -مادمت حيا- لموتك؛ لأنك سوف تبقى أزماناً طويلة بعد الموت لا تستطيع أن تعمل، لكن ما دمت حيا فاعمل. وفي هذا الحديث فوائد: أولاً: الزهد في الدنيا، وأن الإنسان لا يتخذها موطناً بل معبراً، أو دار وحشة لقوله:«كأنك غريب أو عابر سبيل». ومن فوائد الحديث بالنسبة للموقوف -كلام ابن عمر-: الاعتبار بهذه الوصية إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء. ومن فوائده: أن الإنسان الحازم هو الذي يغتنم الفرص يأخذ من الصحة للمرض ومن الحياة للموت، وكذلك أيضا كما جاء في الحديث: اغتنم خمساً قبل خمس ومنها الفراغ قبل الشغل الإنسان ما دام متفرغاً فلينهز الفرصة وليتخذ الفراغ مملوء بالعمل الصالح قبل أن ينشغل، ولهذا يروى عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه قال: تفقهوا قبل أن تسودوا أي: قبل أن تتخذوا سادة لأن الإنسان إذا كان من السادات وسود وصار معروفاً بين الناس انشغل، وسمعت أحد الإخوة يقول: أنت لنفسك ما لم تعرف فإذا عرفت كنت لغيرك، هذا صحيح ولهذا تجد الإنسان في أول حياته وفي غفلة الناس عنه عنده أوقات يستطيع أن يراجع يستطيع أن يزور قريباً أو يعود مريضاً لكن إذا عرفه الناس انكبت الحوائج عليه وحينئذ ينشغل عما كان قادراً عليه بالأمس.
[الترغيب في المتشبه بالصالحين]
١٤١٢ - وعن ابن عمر (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «من تشبه بقوم فهو منهم». أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. قوله:«من تشبه» أي: أتى ما يكون به متشابهاً لهم، وذلك بأن يفعل شيئاً من خصائصهم. والتشبه يكون بالعقيدة ويكون بالعبادة، ويكون باللباس ويكون بالعادات، الحديث عام وإذا كان عاماً فينزل قوله (صلى الله عليه وسلم): «فهو منهم» على ما تقتضيه الأدلة الأخرى فمثلا من تشبه بقوم في العقيدة فهو منهم، اعتقد ما يعتقدون سواء فيما يتعلق بالعبادة أو بالربوبية أو بالأسماء والصفات هو