للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبرِّح". فأذن في ضربهن؛ ولأن المعنى يقتضي ذلك، فالمرأة ناقصة العقل، وناقصة الدين إذا لم تضرب عند الحاجة فإنها لن تستقيم، فلابد من الضرب إذا كانت لا تستقيم إلا به.

وفيه: إشارة إلى أنه ليس من الحكمة أن يمنع الأستاذ من ضرب التلاميذ إذا دعت الحاجة إلي ذلك لاسيما الصغار، الصغير مهما نصحته فإنه لا يستفيد الفائدة المطلوبة؛ فإذا قلنا: لا تضربه؛ فمعناه: أنا فتحنا له الباب أن يركب على رءوسنا وألا يهتم، فالشرع والعقل يدلان على أنه إذا كان الضرب سببًا للاستقامة والتقويم فإنه لا بأس به، لكن الممنوع الضرب المبرح الموجع المؤلم أو الجارح، أو الضرب الذَّي لا يناسب الحال كضرب المرأة ضرب العبد.

ومن فوائد الحديث: أن للإنسان السلطة في تأديب امرأته؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن له أن يجلدها لكن ليس كجلد العبد.

ومن فوائد الحديث: أن له السلطة في جلد عبده.

ومن فوائد الحديث: مراعاة الحكمة في الأفعال إيجادًا أو إعدامًا، والشرع كله مبني على الحكمة؛ ولهذا تجدون أن الله إذا ذكر بعض الأحكام ختمها بالحكمة: {إباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا فريضة من الله إن الله كان عليمًا حكيمًا} [النساء: ١١]. وفي أصناف الزكاة قال: {فريضة من الله والله عليم حكيم} [التوبة: ٦٠]. وفي الحكم في المهاجرات وما يتعلق بذلك قال: {ذالكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم} [الممتحنة: ١٠]. فالشرع كله مبني على الحكمة، وهي وضع الشيء في موضعه.

[٦ - باب الخلع]

ويقال: الخلع، وهو بالفتح مصدر خلع يخلع خلعًا، وبالضم: المعنى، والخلع والخلع في الأصل فسخ الشيء والتخلص منه، ومنه خلع الثوب، خلع النعل، خلع الخف، يعني: تتخلص منه واستعير هذا الاسم لمفارقة الزوجة، استعارة الفقهاء- رحمهم الله- لمفارقة الزوجة، ووجه المناسبة بين المعنى الأصلي والمعنى الجديد: أن المرأة لباس للرجل والرجل لباس للمرأة، كما قال تعالى: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهَّن} [البقرة: ١٨٧]. فالتفرق بينهما كالتفرق بين الجسم. والثوب يعتبر خلعًا، ولو قلنا: "باب فراق الافتداء" لكان هذا أنسب بالنسبة لتعبير القرآن، قال الله تعالى: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: ٢٢٩]. فسمى الله تعالى هذا الفراق افتداء؛ لأن المرأة تفتدي من الزوج ببذل ما تبذله للتخلص منه؛ ولهذا نقول: الخلع أو فراق الافتداء هو فراق

<<  <  ج: ص:  >  >>