٢٢٢ - وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقطع صلاة الرجل المسلم - إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل- المرأة، والحمار، والكلب الأسود ... " الحديث، وفيه:"الكلب الأسود شيطان". أخرجه مسلم.
٢٢٣ - وله: عن أبي هريرة رضي الله عنه نحوه دون: "الكلب".
قوله صلى الله عليه وسلم:"يقطع صلاة الرجل". "يقطع"؛ أي: يفسد؛ لأن القطع معناه: عدم الوصل، ومعلوم أنك إذا قطعت الحبل انفصل بعضه عن بعض، فلا يمكن أن ينبني آخر الصلاة على أولها إذا حصل واحد من هذه الأمور.
وقوله:"صلاة الرجل" بناء على الغالب، فالرجولة ليست شرطا؛ لأن المرأة والرجل في هذا الحكم سواء، وقوله:"المسلم" ليس قيدا أيضا، بل هو بيان للواقع؛ لأن غير المسلم لا صلاة له أصلا حتى لو صلى وزعم أنه يتقرب لله بهذه الصلاة فلا صلاة له.
وقوله:"إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل""بين يديه"؛ يعني: قريبا منه؛ لأن بين يديه تحتمل البعد وتحتمل القرب، لكن إذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم دنا من الجدار حتى لم يكن بينه وبينه إلا مثل ممر الشاة عرفنا أن المراد ب"يديه" أي: قريبا منه، ولكن هل لها حد بالذراع أو حد بحال المصلي؟
الجواب: الثاني، حد ذلك أن يكون قريبا من موضع سجوده، وهذا يختلف، فطويل الظهر يمتد ما بين يديه أكثر من قصير الظهر، وبعض العلماء يحده بثلاثة أذرع، لكن ليس هناك دليل والتحديد يحتاج إلى دليل، فإذا لم يكن دليل رجعنا إلى الأصل وهو أن الإنسان إنما يملك من الأرض مقدار ما يحتاج إليه، والذي يحتاج إليه هو منتهى سجوده، وقوله:"مثل مؤخرة الرحل" قد يشكل؛ لأن ظاهره أنه لابد أن تكون السترة مثل مؤخرة الرحل مع أنه سبق أنه يقول - عليه الصلاة والسلام-: "ليستتر أحدكم ولو بسهم"، فيكون هذا مما ليس له مفهوم، والقيد قيد للأكمل والأفضل وليس للقدر المجزئ، وقوله:"المرأة" يعني: البالغة؛ لأنه لا يطلق على الأنثى امرأة إلا إذا كانت بالغة، وأما الصغيرة فلا تدخل في لفظ اسم المرأة، "والكلب الأسود" يعني: الذي كله سواد، فلو كان لونه أسود وأبيض لم يقطع الصلاة؛ ولو كان أبيض لم يقطع الصلاة، ولو كان أحمر لم يقطع الصلاة، ولو كان أصفر لم يقطع الصلاة، ولو كان أورق- يعني: لونه مختلط بين البياض والسواد - لم يقطع الصلاة، "الحمار" معروف، والحديث مطلق يدخل فيه الحمار الأبيض والأسود، والصغير والكبير.